كلام ابن تيمية و الردّ عليه

لكنّ ابن تيمية يقول:
«وأمّا المقدّمة الثانية، فلو قدّر أنه لابدّ من معصوم، فقولهم: ليس بمعصوم غير علي اتّفاقاً، ممنوع. بل كثير من الناس من عبّادهم وصوفيّتهم وجندهم وعامّتهم، يعتقدون في كثير من شيوخهم من العصمة من جنس ما تعتقده الرافضة في الاثني عشر، وربما عبّروا عن ذلك بقولهم: الشيخ المحفوظ.
وإذا كانوا يعتقدون هذا في شيوخهم مع اعتقادهم أن الصحابة أفضل منهم، فاعتقادهم ذلك في الخلفاء من الصّحابة أولى.
وكثير من الناس فيهم من الغلوّ في شيوخهم من جنس ما في الشيعة من الغلوّ في الأئمة.
وأيضاً، فالإسماعيليّة يعتقدون عصمة أئمتهم، وهم غير الاثني عشر.
وأيضاً، فكثير من أتباع بني اُميّة ـ أو أكثرهم ـ كانوا يعقتدون أنّ الإمام لا حساب عليه ولا عذاب…»(1).
أقول:
لا يخفى على أهل العلم: أن هذا الكلام إمّا باطل وإمّا خروجٌ عن البحث، فهو على كلّ تقدير لا يصلح جواباً عن الاستدلال.
ثم قال:
«إمّا أنْ يجب وجود المعصوم في كلّ زمان وإمّا أن لا يجب.
فإن لم يجب، بطل قولهم.
وإنْ وجب، لم نسلّم على هذا التقدير أنّ عليّاً كان هو المعصوم دون الثلاثة، بل إذا كان هذا القول حقّاً، لزم أن يكون أبو بكر وعمر وعثمان معصومين، فإن أهل السنّة متّفقون على تفضيل أبي بكر وعمر وأنهما أحقّ بالعصمة من علي، فإن كانت العصمة ممكنة، فهي إليهما أقرب، وإنْ كانت ممتنعة، فهي عنه أبعد… .
وإذا قال الرافضي: الإيمان ثابت لعلي بالإجماع، والعصمة منتفية عن الثلاثة بالإجماع، كان كقول اليهودي: نبوّة موسى ثابتة بالإجماع، أو قول النصراني: الإلهيّة منتفية عن محمّد بالإجماع… .
وإذا قال: أنتم تعتقدون بانتفاء العصمة عن الثلاثة.
قلنا: نعتقد انتفاء العصمة عن علي… .
وهنا جواب ثالث عن أصل الحجة وهو أن يقال: من أين علمتم أنّ عليّاً معصوم ومن سواه ليس بمعصوم؟… لكنّ هؤلاء يحتجّون بالإجماع ويردّون كون الإجماع حجة، فمن أين علموا أنّ عليّاً هو المعصوم دون من سواه؟…»(2).

(1) منهاج السنة 6 / 430.
(2) منهاج السنّة 6 / 435.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *