شرح القضية كما في المصادر مثل الاستيعاب و اسد الغابة و السيرة الحلبيّة

أقول:
وموجز الكلام حول الحكم بن أبي العاص وقضيته(1) هو:
إن الحكم كان جاراً لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في الجاهلية، وكان أشدّ جيرانه أذىً له في الإسلام، قدم المدينة بعد فتح مكة، فكان يؤذي النبي صلّى اللّه عليه وآله، فكان يجلس عنده، فإذا تكلّم صلّى اللّه عليه وآله اختلج، فبصر به النبي فقال: كن كذلك، فما زال يختلج حتى مات. وفي يوم من الأيام، اطّلع على رسول اللّه من باب بيته ـ وهو عند بعض نسائه ـ فخرج صلّى اللّه عليه وآله بالعنزة وقال: من عذيري من هذا الوزغة، لو أدركته لفقأت عينه. ولعنه وولده… ونفاه إلى الطائف قائلاً: لا يساكنني.
وأمّا لعنه، فالأحاديث متعددة. من ذلك:
إنه استأذن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فعرف صوته فقال: ائذنوا له لعنة اللّه عليه وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمنين وقليل ما هم، ذوو مكر وخديعة، يعطون الدنيا ومالهم في الآخرة من خلاق.
وفي آخر: إنه صلّى اللّه عليه وآله قال: «يدخل عليكم رجل لعين» فدخل الحكم.
وقد أخبر بذلك عن رسول اللّه جمع من الصحابة، كعائشة وعبد اللّه بن الزبير وغيرهما.
هذا، بالإضافة إلى أنه من الشجرة الملعونة في القرآن، والأحاديث الواردة في ذيل تلك الآية كثيرة.
ثم إن النبي صلّى اللّه عليه وآله قد توفّي والحكم في المنفى، فجعل عثمان يسعى من ذلك الوقت في إعادته إلى المدينة، فكلّم أبا بكر فأبى، ثم كلّم عمر في حكومته فأبى ذلك وكان جواب كلّ منهما: ما كنت لآوي طرداء رسول اللّه. وعند بعضهم: أنهما قالا: لا أحلّ عقدةً عقدها رسول اللّه. وروى بعضهم أنه قال لأبي بكر: عمّي. فقال أبو بكر: عمّك إلى النار، هيهات هيهات أن أغيّر شيئاً فعله رسول اللّه، واللّه لا رددته أبداً.
فلما مات أبو بكر كلّم عمر في ذلك فقال له: ويحك يا عثمان، تتكلّم في لعين رسول اللّه وطريده وعدوّ اللّه وعدوّ رسوله؟!
فلمّا ولّي عثمان ردّ الحكم ومن معه إلى المدينة.
قالوا: فاشتدّ ذلك على المهاجرين والأنصار، وأنكر ذلك عليه أعيان الصحابة عليه وقالوا، فادّعى أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قد وعده ردّه إلى المدينة، لكن أحداً من الصحابة لم يصدّقه، بل كان ذلك من أكبر الأسباب على القيام عليه.
لكن عثمان ما اكتفى بردّ الحكم وإيوائه، بل أعطاه مئات الآلاف من الدراهم، ففي رواية جماعة: أنه أعطاه صدقات قضاعة فبلغت ثلاث مائة ألف. وفي رواية أخرى: أنه لما آواه أعطاه مائة ألف، فقالوا: إن ذلك كان مما نقم الناس على عثمان.

(1) اُسد الغابة 2 / 34، الإستيعاب 1 / 359، السيرة الحلبية 1 / 509.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *