المطاعن في الجماعة

المطاعن في الجماعة
قال قدس سره: وأما المطاعن في الجماعة: فقد نقل أتباعهم الجمهور منها شيئاً كثيراً، حتى صنّف الكلبي كتاباً كلّه في مثالب الصحابة، ولم يذكر فيه منقصةً واحدة لأهل البيت عليهم السلام. وقد ذكر غيره منهم أشياء كثيرة، ونحن نذكر شيئاً يسيراً منها:
الشرح:
إن هذا الفصل هو القسم الثاني من الوجه السادس من الوجوه التي أقامها العلاّمة لإثبات أن مذهب الإمامية واجب الاتباع، وقد كان القسم الأوّل منه في ذكر شيء يسير من فضائل ومناقب أمير المؤمنين التي اتفق على روايتها الموافق والمخالف… كما تقدّم.
والمقصود من «المطاعن» ومن ذكرها في هذا المقام هو: بيان أنه لو دار الأمر بين أن يُتّبع صاحب المناقب التي يرويها له المعتقدون بإمامته وغير المعتقدين، أو يُتّبع من لم ترو في حقّه تلك المناقب، بل رويت في كتب أتباعه نقائص له، فإنه لا شك في أن الحق اتّباع الأوّل دون الثاني.
فهذا هو المقصود هنا… .
ويزداد هذا المقصود وضوحاً: إذا علمنا بأن الجمهور لمّا قالوا بثبوت الإمامة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بالبيعة والاختيار، لأن خلافة أبي بكر وقعت كذلك… اضطرّوا لأن يضعوا ضابطة لاختيار الخليفة، فذكروا شروطاً يجب أن تتوفّر فيه:
قال في شرح المواقف: «المقصد الثاني: في شروط الإمامة: الجمهور على أن أهل الإمامة ومستحقها:
من هو مجتهد في الأصول والفروع ليقوم بأمور الدين، متمكّناً من إقامة الحجج وحلّ الشبه في العقائد الدينية، مستقلاً بالفتوى في النوازل والأحكام في الوقائع نصاً واستنباطاً، لأن أهمّ مقاصد الإمامة حفظ العقائد وفصل الحكومات ورفع المخاصمات، ولم يتم ذلك بدون هذا الشرط.
ذو رأي وبصارة بتدبير الحرب والسّلم وترتيب الجيوش وحفظ الثغور، ليقوم بأمور الملك.
شجاع قويّ القلب، ليقوى على الذبّ عن الحوزة والحفظ لبيضة الإسلام، بالثبات في المعارك. كما روي: أنه عليه السلام وقف بعد انهزام المسلمين في الصف قائلاً:
]أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب[
ولا يهوله أيضاً إقامة الحدود وضرب الرقاب.
وقيل: لا يشترط في الإمامة هذه الصّفات الثلاث، لأنها لا توجد الآن مجتمعةً… نعم، يجب أن يكون عدلاً في الظاهر، لئلاّ يجور… عاقلاً، ليصلح للتصرّفات الشرعيّة والملكيّة. بالغاً، لقصور عقل الصبي. ذكراً، إذ النساء ناقصات عقل ودين. حرّاً، لئلاّ يشغله خدمة السيد عن وظائف الإمامة… .
فهذه الصفات التي هي الثمان أو الخمس شروط معتبرة في الإمامة بالإجماع… .
وههنا صفات أخرى في اشتراطها خلاف:
الأولى: أن يكون قرشيّاً… .
الثانية: أن يكون هاشميّاً… .
الثالثة: أن يكون عالماً بجميع مسائل الدّين، أصولها وفروعها، بالفعل لا بالقوّة… .
الرابعة: ظهور المعجزة على يده، إذ به يعلم صدقه في دعوى الإمامة والعصمة»(1).
فظهر أن هناك شروطاً أجمع القوم على وجوبها في الإمامة، وإلاّ لم تنعقد… .
لكن القوم أنفسهم قد رووا في كتبهم في حق أبي بكر وعمر وعثمان ما يدلّ بكلّ وضوح على انتفاء هذه الشروط فيهم، بل على اتّصافهم بما ينافيها، فيكون اعتقادهم بإمامة هؤلاء ـ والحال هذه ـ مخالفاً للإجماع!!
فهذا هو المقصود من ذكر العلاّمة بعض رواياته في عدد من تلك الموارد، وسنحاول توضيح مقصوده، بالاستناد إلى روايات القوم وبالاستشهاد بكلمات علمائهم في كلّ مورد.

(1) شرح المواقف 8 / 349 ـ 350.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *