حديث الوصاية

حديث الوصاية
قال قدس سره: ومنها: ما رواه أحمد بن حنبل عن أنس بن مالك قال قلنا لسلمان: سل النبي صلّى اللّه عليه وآله من وصيّه؟ فقال له سلمان: يا رسول اللّه، من وصيّك؟ فقال: يا سلمان، من كان وصي موسى؟ فقال: يوشع به نون. قال: فإن وصيي ووارثي، يقضي ديني وينجز موعدي: علي بن أبي طالب».
الشرح:
هنا مطلبان:
الأول: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ما مات بلا وصيّة.
والثاني: إن وصىّ رسول اللّه هو أمير المؤمنين عليه السلام لا غيره من الأصحاب مطلقاً.
وهذا المطلب الثاني ـ المثبت للأوّل ـ اتفق على روايته الموافق القائل بإمامته وعلماء أهل السنّة القائلون بإمامة الشيخين بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، فإذا ثبت رواية القوم هذا المطلب فقد تمَّ مدّعى العلاّمة في هذا المقام.
وفي مقام الإثبات، أورد العلاّمة الحديث المذكور عن أحمد بن حنبل إمام الحنابلة المشهور المعروف… .
وأخرجه الطبراني عن أبي سعيد الخدري عن أنس وهذا نصّه: «حدّثنا محمد بن عبد اللّه الحضرمي، ثنا ابراهيم بن الحسن الثعلبي، ثنا يحيى بن يعلى، عن ناصح بن عبد اللّه، عن سماك بن حرب، عن أبي سعيد الخدري، عن سلمان قال: قلت يا رسول اللّه لكلّ نبي وصيّ، فمن وصيّك؟ فسكت عني. فلمّا كان بعد رآني فقال: يا سلمان! فأسرعت إليه قلت: لبّيك. قال: تعلم من وصىّ موسى؟ قلت: نعم، يوشع بن نون، قال: لم؟ قلت: لأنه كان أعلمهم. قال: فإن وصيي وموضع سرّي وخير من أترك بعدي، ينجز عدتي ويقضي ديني: علي بن أبي طالب»(1).
وأخرجه ابن عساكر الدمشقي بترجمة أمير المؤمنين عليه السلام بأسانيد:
«أخبرنا أبو الفضل الفضيلي، نا أبو القاسم الخليلي، أنا أبو القاسم الخزاعي، أنا الهيثم بن كليب الشاشي، نا محمد بن علي، نا يحيى الحماني، نا شريك، عن الأعمش، عن المنهال ـ يعني ابن عمرو ـ عن عباد ـ يعني ابن عبد اللّه الأسدي، عن علي قال: قال النبي صلّى اللّه عليه وآله: «علي يقضي ديني، وينجز موعودي، وخير من أخلّفه في أهلي.
قرأت على أبي محمد بن حمزة، عن أبي بكر الخطيب، أنا الحسن بن أبي بكر، أنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد اللّه القطان، نا الحسن بن العباس الرازي، نا القاسم بن خليفة أبو محمد، نا أبو يحيى التيمي إسماعيل بن إبراهيم، عن مطير أبي خالد، عن أنس بن مالك قال:
كنا إذا أردنا أن نسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أمرنا علي بن أبي طالب أو سلمان الفارسي أو ثابت بن معاذ الأنصاري، لأنهم كانوا أجرأ أصحابه على سؤاله، فلمّا نزلت: (إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ)(2) وعلمنا أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله نعيت إليه نفسه قلنا لسلمان: سل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من نسند إليه أمورنا، ويكون مفزعنا، ومن أحبّ الناس إليه؟ فلقيه، فسأله فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، فخشي سلمان أن يكون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قد مقته ووجد عليه، فلمّا كان بعد لقيه، قال: يا سلمان، يا أبا عبد اللّه، ألا أحدّثك عمّا كنت سألتني؟ فقال: يا رسول اللّه إني خشيت أن تكون قد مقتّني ووجدت عليّ، قال: «كلاّ يا سلمان، إن أخي ووزيري وخليفتي في أهل بيتي وخير من تركت بعدي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب.
قال الخطيب: مطير هذا مجهول.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، نا أبو القاسم بن مسعدة، نا حمزة بن يوسف، نا أبو أحمد بن عدي، نا ابن أبي سفيان، نا علي بن سهل، نا عبيد اللّه بن موسى، نا مطر الإسكاف عن أنس قال:
قال النبي صلّى اللّه عليه وآله: علي أخي، وصاحبي، وابن عمي، وخير من أترك بعدي، يقضي ديني، وينجز موعدي.
قال: قلت له: أين لقيت أنساً؟ قال: بالخريبة.
أخبرنا أبو القاسم الشحامي، وأبو المظفر القشيري، قالا: أنا أبو سعد الأديب، أنا أبو سعيد الكرابيسي، أنا أبو لبيد السامي، نا سويد بن سعيد، نا عمرو بن ثابت، عن مطر، عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: إن خليلي ووزيري وخير من أخلف بعدي يقضي ديني وينجز موعودي علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الفضل، وأبو محمد هبة اللّه بن سهل، وأبو القاسم زاهر بن طاهر قالوا: أنا أبو سعد الجنزرودي، أنا عبد اللّه بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، نا يوسف بن عاصم الرازي، نا سويد بن سعيد، نا عمرو بن ثابت، عن مطر، عن أنس قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: إن خليلي ووزيري وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي وينجز موعدي ويقضي ديني علي بن أبي طالب»(3).
فهذه عدّة من أسانيد الحديث، وقد عرفت أنه من الأحاديث التي اتفق المخالف والموافق على روايتها في فضل أمير المؤمنين وكماله، مما لم ينقل مثله ولا الأقلّ منه في حق غيره من الصحابة. فتم مقصود العلاّمة الحلّي من ذكره في هذا المقام.

(1) المعجم الكبير 6 / 221 برقم 6063.
(2) سورة النصر، الآية الأولى.
(3) تاريخ دمشق 42 / 56 ـ 57.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *