قال ابن تيميّة: لم يأخذ عنه أحد من أهل العلم بالحديث شيئاً… و الردّ على هذا الكلام

أخذ الفقهاء عنه
قال قدس سره: وأخذ عنه فقهاء الجمهور كثيراً.
الشرح:
قال ابن تيمية: «ولم يأخذ عنه أحد من أهل العلم بالحديث شيئاً، ولا روي له حديث في الكتب الستة، وإنما يروي له أبو الصّلت الهروي وأمثاله نسخاً عن آبائه فيها من الأكاذيب ما قد نزه اللّه عنه الصّادقين من غير أهل البيت فكيف بالصّادقين منهم».
أمّا قوله: «إنه أخذ فقهاء الجمهور كثيراً» فهذا من أظهر الكذب… .
وما يذكره بعض الناس من أن معروفاً الكرخي كان خادماً له، وأنه أسلم على يديه، أو أن الخرقة متصلة منه إليه، فكلّه كذب باتفاق من يعرف هذا الشأن»(1).
أقول: هنا أمور:
الأول: في أخذ فقهاء الجمهور عن الإمام الرضا عليه السلام. ويكفي في هذا المقام الكلمات التالية:
قال الواقدي: «سمع علي الحديث من أبيه وعمومته وغيرهم، وكان ثقة، يفتي بمسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهو ابن نيف وعشرين سنة، وهو من الطبقة الثامنة من التابعين من أهل المدينة»(2).
وقال الحاكم النيسابوري: «علي بن موسى، أبو الحسن، ورد نيسابور سنة مائتين، وكان يفتي في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهو ابن نيف وعشرين سنة. روى عنه من أئمة الحديث: المعلّى بن منصور الرازي، وآدم بن أبي أياس العسقلاني، ومحمد بن أبي رافع القصري القشيري، ونصر بن علي الجهضمي، وغيرهم. واستشهد بـ(سناباد) من طوس في رمضان سنة 203 وهو ابن تسع وأربعين سنة وستة أشهر»(3).
وقال ابن الجوزي: «كان يفتي في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهو ابن نيف وعشرين سنة»(4).
وقال ابن كثير: «علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، القرشي الهاشمي العلوي، الملقب بالرضا. كان المأمون قد همّ أن ينزل له عن الخلافة فأبى عليه ذلك، فجعله ولّي العهد من بعده، كما قدمنا ذلك. توفي في صفر من هذه السنة بطوس. وقد روى الحديث عن أبيه وغيره، وعنه جماعة منهم: المأمون، وأبو الصلت الهروي، وأبو عثمان المازني النحوي…»(5).
وقال المزي: «ق: علي بن موسى… روى عنه: أبو بكر أحمد بن الحباب بن حمزة الحميري النسَّابة، وأيوب بن منصور النيسابوري، ودارم بن قبيصة بن نهشل الصنعاني، وأبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف الغازي القزويني له عنه نسخة، وسليمان بن جعفر، وعامر بن سليمان الطائي والد أحمد بن عامر أحد الضعفاء، له عنه نسخة كبيرة، وعبد اللّه بن علي العلوي، وأمير المؤمنين أبو العباس عبد اللّه المأمون بن هارون الرشيد، وأبو الصّلت عبد السلام بن صالح الهروي (ق)، وعلي بن صدقة الشطي الرقي، وعلي بن علي الخزاعي الدعبلي، وعلي بن مهدي بن صدقة بن هشام القاضي، له عنه نسخة، ومحمد بن سهل بن عامر البجلي، وابنه أبو جعفر محمد بن علي بن موسى، وأبو جعفر محمد بن حيان التمار البصري، وموسى بن علي القرشي، وأبو عثمان المازني النحوي»(6).
وقال الذهبي: «وروى عنه فيما قيل: آدم بن أبي أياس ـ وهو أكبر منه ـ وأحمد بن حنبل، ومحمد بن رافع، ونصر بن علي الجهضمي، وخالد بن أحمد الذهلي الأمير»(7).
وقال الذهبي: «علي بن موسى الرضا ـ ق، د، ت ـ أحد الأعلام. هو الإمام أبو الحسن ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي، العلوي، الحسيني. روى عن: أبيه وعبد اللّه بن أرطاة. وعنه: ابنه أبو جعفر محمد، وأبو عثمان المازني، والمأمون، وعبد السلام بن صالح، ودارم بن قبيصة، وطائفة… .
وكان سيّد بني هاشم في زمانه وأجلّهم وأنبلهم، وكان المأمون يعظّمه ويخضع له ويتغالى فيه، حتى أنه جعله وليّ عهده من بعده، وكتب بذلك إلى الآفاق…»(8).
وقال ابن حجر قال الحاكم: «سمعت أبا بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا ـ وهم إذ ذاك متوافرون ـ إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضا بطوس، فرأيت من تعظيمه ـ يعني ابن خزيمة ـ لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحيّرنا»(9).
وجاء في غير واحد من الكتب: إنه لما دخل الإمام نيسابور راكباً خرج إليه علماء البلد، وبأيديهم المحابر والدّوى، وتعلّقوا بلجام دابّته وحلَّفوه أن يحدّثهم بحديث عن آبائه فقال: «حدّثني أبي موسى الكاظم عن أبيه… علي بن أبي طالب قال: حدّثني حبيبي وقرّة عيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: حدّثني جبريل قال: سمعت رب العزة يقول: لا إله إلا اللّه حصني فمن قالها دخل حصني وأمن من عذابي».
وفي رواية: إنه روى عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «سألت رسول اللّه: ما الإيمان؟ قال: معرفة بالقلب، وإقرار باللّسان، وعمل بالأركان».
وعن أحمد: «إن قرأت هذا الإسناد على مجنون برئ من جنونه».
هذا، وقد كان على رأس العلماء الذين طلبوا من الإمام أن يحدّثهم: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن أسلم الطوسي، وياسين بن النضر، وأحمد بن حرب، ويحيى بن يحيى… وقد عدّ أهل المحابر والدوى الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفاً(10).

(1) منهاج السنّة 4 / 61.
(2) تذكرة خواص الأمة: 351.
(3) تهذيب التهذيب 7 / 339، فرائد السمطين 2 / 199، عن تاريخ نيسابور.
(4) المنتظم 10 / 120.
(5) البداية والنهاية. حوادث 203، 10 / 273.
(6) تهذيب الكمال 21 / 148 ـ 149.
(7) سير أعلام النبلاء 9 / 388.
(8) تاريخ الإسلام 14 / 269 ـ 270.
(9) تهذيب التهذيب 7 / 339.
(10) أخبار إصبهان 1 / 138، المنتظم في أخبار الأمم 10 / 120، الصواعق المحرقة: 122 عن تاريخ نيسابور، الفصول المهمة في معرفة الأئمة 2 / 1002.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *