انتشار العلوم المختلفة منه

انتشار العلوم منه
قال قدس سره: وهو الذي انتشر منه… .
الشرح:
وأمّا انتشار العلوم المختلفة منه، فقد أشار إلى ذلك أبو الفتح عبد الكريم الشهرستاني في كلامه المتقدم، وقال اليافعي بترجمته: «له كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها. قد ألّف تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتاباً يشتمل على ألف ورقة، يتضمن رسائله وهي خمسمائة رسالة»(1).
وقال الآلوسي: «هذا أبو حنيفة ـ وهو من أهل السنّة ـ يفتخر ويقول بأفصح لسان: لولا السّنتان لهلك النعمان» يعني اللّتين جلس فيهما لأخذ العلم من الإمام جعفر الصّادق(2).
لكن الرجل لم يفهم مغزى هذا الكلام! فقال:
«وأمّا قوله: هو الذي نشر فقه الإماميّة والمعارف الحقيقيّة والعقائد اليقينيّة. فهذا الكلام يستلزم أحد أمرين: إمّا أنه ابتدع في العلم ما لم يكن يعلمه من قبله، وإمّا أن يكون الذي قبله قصَّر فيما يجب من نشر العلم . وهل يشك عاقل أن النبي صلّى اللّه عليه وآله بيّن لأمته المعارف الحقيقيّة والعقائد اليقينيّة أكمل بيان، وأن أصحابه تلقّوا عنه ذلك وبلّغوه إلى المسلمين؟ وهذا يقتضي القدح إمّا فيه وإمّا فيهم، بل هو كذب على جعفر الصّادق، أكثر ممّا كذب على من قبل، فالآفة وقعت من الكذّابين عليه لا منه».
أقول:
باللّه عليك! أي شيء قاله العلاّمة رحمه اللّه حتى تتوجّه إليه هذه التّهم والإفتراءات؟! يقول العلامة: «إن الصّادق عليه السّلام نشر المعارف الحقيقيّة والعقائد اليقينيّة» وكلّ من يكون من أهل اللّغة ـ إلا من في قلبه مرض ـ يفهم من هذا الكلام أن الصّادق عليه السّلام علَّم وبيَّن وشرح وبلَّغ المعارف الحقيقيّة والعقائد اليقينيّة التي كان قد جاء بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وتعلّمها منه عن طريق آبائه، فلا هو ابتدع أشياء، ولا أن النبي صلّى اللّه عليه وآله قصَّر… ولا قدح فيه ولا في أصحاب الرسول الذين تعلّموا منه شيئاً وبلّغوا ما تعلّموا كما تعلّموا… .

قال قدس سره: وكان لا يخبر بأمر إلا وقع، وبه سمّوه الصّادق الأمين، وكان عبداللّه بن الحسن جمع أكابر العلويين للبيعة لولده فقال له… .

(1) مرآة الجنان وعبرة اليقظان 1 / 304.
(2) مختصر التحفة الإثنا عشرية: 8 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *