نتـائج البحـث

نتـائج البحـث
فهل يرى الباحث الخبير أنّ هذه القضايا إنّما وقعت صدفةً؟!
وهل أنّ والي المدينة لم يلحّ على الإمام عليه السلام بالبيعة، ثمّ حمد الله على خروجه، كان ذلك من عند نفسه؟!
وهل أنّ والي مكّة الذي لم يتعرّض للإمام، بل لم يهدّده علناً، وإنّما دسّ إليه الرجال فقط، كان ذلك منه عن اختيار؟!
وهل أنّ والي الكوفة لمّا تسامح مع مسلم وشيعته لم يكن من قصده انكشاف حال مسلم ومعرفة أصحابه، وقد كان ـ كما قال البلاذري ـ عثمانياً مجاهراً ببغض عليّ، ويسيء القول فيه، وهو ممّن أغار على بعض البلاد التابعة لحكومة الإمام عليّ عليه السلام؟!
وكيف أنّ معاوية كان يداري الإمام عليه السلام، ويخبر عن مقتله في العراق على يد أهل الكوفة، وقد أوصى بتولية ابن زياد عليها في الوقت المناسـب؟!
إنّ للباحث أن يسـتنتج أنّ هناك خطّة مرسومة من معاوية وأعوانه في الحجاز، بالتواطؤ مع أنصاره في الكوفة، بأنْ يدعى الإمام عليه السلام من قِبل أهل الكوفة، ويضيّق عليه ويُطارد من داخل الحجاز من قِبل عمّال بني أُميّة، حتّى يُقبل نحو الكوفة، فيحاصَر في الطريق، فلا يصل إلى الكوفة ولا يرجع إلى الحجاز، بل يُـقتل في الفلاة.
وهذا ما رواه في «بحار الأنوار» عن تاريخ الريّاشي، بإسناده عن راوي حديثه، قال: «حججت فتركت أصحابي وانطلقت أتعسّف الطريق وحدي، فبينما أنا أسير، إذ رفعت طرفي إلى أخبية وفساطيط، فانطلقت نحوها، حتّى أتيت أدناها، فقلت: لمن هذه الأبنية؟
فقالوا: للحسـين.
قلت: ابن عليّ وابن فاطمة؟
قالوا: نعم.
قلت: في أيّها هو؟
قالوا: في ذلك الفسطاط.
فانطلقت، فإذا الحسـين متّك على باب الفسطاط يقرأ كتاباً بين يديه، فسلَّمت فردَّ علَيَّ، فقلت: يا ابن رسول الله! بأبي أنت وأُمّي، ما أنزلك في هذه الأرض القفراء التي ليـس فيها ريف ولا منعة؟!
قال: إنّ هؤلاء أخافوني، وهذه كتب أهل الكوفة، وهُمْ قاتليّ، فإذا فعلوا ذلك ولم يدعو لله محرّماً إلاّ انتهكوه، بعث الله إليهم من يقتلهم، حتّى يكونوا أذلّ من فرم الأَمَـة»(1).
فتأمّـل في عبـارة: «إنّ هؤلاء أخـافوني»، يعني: حكومـة الحجـاز، و «هذه كـتب أهل الكوفة، وهم قاتليّ»!!
ولذا، فقد ورد عن الإمام عليه السلام أنّه لمّا ورد أرض كربلاء(2)، كان أوّل كلامه:
«اللّهمّ إنّـا عترة نبيّـك محمّـد وقد أُخرجنـا وطُردنـا وأُزعجنـا عن حرم جـدّنـا…»(3).
وقد جاء هذا بعينه في ما كـتبه ابن عبّـاس إلى يزيد:
«وما أنـسَ من الأشياء، فلسـتُ بناس اطّرادك الحسـين بن عليّ من حرم رسول الله إلى حرم الله، ودسّك إليه الرجال تغتاله، فأشخصته من حرم الله إلى الكوفة…»(4).
ثمّ عرفنا الّذين باشروا قتل الإمام عليه السلام، فلم نجد فيهم أحداً من الشـيعة أبداً، بل إنّ شـيعته منهم من قضى نحبه مع مسلم بن عقيل، ومنهم من اسـتـشـهد قبل عاشوراء في تصفية ابن زياد الشـيعة في الكوفة، ومنهم من سُجن… والكلام كلّه على وجوه الشـيعة ورجالها في الكوفة وليـس على السواد الأعظم، كما هو واضح.
ويقع الكلام بعد ذلك على دور علماء السوء في تبرير ما وقع، والدفاع عن معاوية ويزيد وأتباعهما…

***
(1) بحار الأنوار 44 / 368، وانظر: بغية الطلب 6 / 2616.
(2) وروى ابن أعثم الكوفي أنّه عليه السلام قاله قبل الورود إلى كربلاء; انظر: الفتوح 5 / 93.
(3) بحار الأنوار 44 / 383.
(4) تاريخ اليعقوبي 2 / 163.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *