إشكال الأُستاذ

إشكال الأُستاذ
وأورد عليه الأُستاذ: بأنّ الأمر في الإطلاق البدلي كذلك، فلماذا قال هناك بتقدّم المقيَّد على المطلق من باب القرينية ـ تبعاً لاستاذه ـ وهنا يقول بالتقدّم من باب المفهوم فراراً من لزوم اللغويّة؟
(قال) لكنّ الإشكال العمدة هو النقض بمسألة تبعيّة الأداء للقضاء وعدمها، وذلك: إن القائلين بعدم التبعيّة لمّا استدلّوا بأنّ الصّلاة كانت مقيَّدة بالوقت، فلما انقضى انتفى وجوب الصّلاة بانتفاء القيد، فيحتاج وجوبها في خارج الوقت إلى دليل جديد.
فأشكل السيد الخوئي رحمه اللّه عليهم: بأنكم تقولون بجريان الإستصحاب في الشبهات الحكمية، والمسألة من صغريّاتها، لأنّه لمّا خرج الوقت يقع الشكّ في أنه كان دخيلاً في وجوب الصّلاة بنحو وحدة المطلوب أو تعدّده، وحيث أنّ الوجوب قد تعلَّق بالصّلاة الجامع بين المطلق والمقيَّد، ومتعلَّق الشك بعد الوقت هو وجوب الصّلاة، فإنّه يستصحب الوجوب، ولا حاجة إلى أمر جديد.
فيرد على السيّد الخوئي: إنكم تقولون بمفهوم الوصف ـ على الحدّ المذكور ـ والمفهوم من الأدلّة اللفظيّة، فلمّا قُيد وجوب الصّلاة بالوقت كان مفهوم ذلك انتفاء الوجوب عن طبيعي الصّلاة بخروج الوقت، ومع وجود هذا الدليل اللّفظي على انتفاء وجوب الصّلاة واحتياج القضاء إلى أمر جديد، لا تصل النوبة إلى التمسّك بالأصل العملي.
أقول:
السيّد الخوئي يقول بمفهوم الوصف كما تقدم، والمشهور لا يقولون به.
والمشهور يقولون بجريان الإستصحاب في الشبهات الحكميّة، والسيد الخوئي لا يقول به.
فإشكاله على المشهور ـ في مسألة تبعيّة القضاء للأداء ـ ردٌّ عليهم بناءً على ما ذهبوا إليه، فما ذكره شيخنا غير وارد عليه.
(قال) وأمّا حلّ المطلب، فإنّ المهمّ فيه فهم أنّ المقيّد إذا قيّد الطبيعة فهل يقيّدها بجميع مراتبها أو على حدّ القيد؟
لا ريب أنّ كلّ ظاهر حجّة، وأنّه لابدّ من التحفّظ على الظهور بقدر الإمكان، فلمّا قال أكرم العالم، فإنّه ظاهر في وجوب إكرام مطلق العالم، والحكم انحلاليّ يجري على كلّ أفراد العالم وينحلّ ويتحقّق هناك إطاعات ومعاصي على عدد العالم، ثم لمّا قال: أكرم العالم العادل، فقد ورد عنه حكم وله ظهوره ويجب التحفّظ عليه كذلك، ولمّا لم يكن الحكم متّحداً ـ بخلاف صورة صرف الوجود ـ والأصل في القيود هو الإحترازية، يحتمل أنْ يكون قيد العدالة نافياً للحكم من أصله، فلا وجوب للإكرام بالنسبة إلى طبيعة العالم، ويحتمل أنْ يكون لإكرام طبيعي العالم مصلحة لكنْ في إكرام العادل مصلحة اخرى، ومع وجود الإحتمال الثاني لا وجه لانتفاء الإكرام من أصله، بل العقل حاكم ببقاء الحكم بالنسبة إلى الطبيعة، وبذلك حصل التحفّظ على الظهور في الدليلين، والتحفّظ على أصالة الإحترازية في القيود، ولم تلزم اللغويّة في أخذ القيد، لأنّه قد أثّر في مرتبة الطلب… فكان قول المشهور هو مقتضى القاعدة، وأنّ الصحيح حمل المقيَّد مع الإطلاق الشمولي على المرتبة الأكيدة من الطلب، لا حمل المطلق على المقيَّد، كما كان وجوب قضاء الصّلاة كاشفاً عن كون القيد ـ وهو الوقت ـ دخيلاً في مرتبة الطلب لا في أصله، سواء قلنا بأن القضاء بأمر جديد أو هو بالأمر الأول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *