تعارض المفهوم مع العموم

تعارض المفهوم مع العموم

لو ورد عامٌ مثل أكرم العلماء، ثم وردت جملةٌ شرطية يعارض مفهومها ذلك العام، كما لو قال: أكرم العلماء إن كانوا عدولاً، ففيه وجوه:
تقديم العام على المفهوم.
وتقديم المفهوم على العام.
والتعارض والتساقط والرجوع إلى الاصول العمليّة.
والتفصيل.
وقبل الورود في الأدلّة نتعرّض لكلام الميرزا ودفع ما أورد عليه.
فقد ذكروا أن المفهوم إمّا مخالفٌ للمنطوق بالسلب والإيجاب كما في الخبر: «إذا كان الماء قدر كرٍّ لم ينجّسه شيء»(1). وإمّا موافق، وهو ما لم يكن بينهما تخالف كذلك مثل (فَلا تَقُل لَّهُمَا أُف)(2). والموافق ينقسم إلى: الموافقة بالأولوية والموافقة بالمساواة، والاُولى تارةً عرفية واخرى عقليّة، والثانية، تارةً: تكون المساواة عن طريق تحصيل المناط القطعي للحكم، واخرى: تكون لا عن الطريق المذكور مثل لا تشرب الخمر لإسكاره.
فقال الميرزا(3): إن كان المفهوم موافقاً، فتارةً يقال: لا تشرب الخمر لأنه مسكر، واخرى يقال: لا تشرب الخمر لإسكاره… وبين التعبيرين فرق، ففي الأول، يكون مقتضى القاعدة تعميم الحكم ـ وهو الحرمة ـ لكلّ مسكر، لأن الموضوع في الكلام عبارة عن «المسكر»، وفي الثاني: مقتضى القاعدة تخصيص الحكم بالخمر، لاحتمال وجود الخصوصيّة في إسكار الخمر دون غيره من المسكرات، لأن موضوع الحكم هو خصوص الخمر.
وقد أشكل المحقق الإصفهاني(4) على هذا التفريق بما ملخّصه: إنه إذا قال: لا تشرب الخمر إذا أسكر، كان الإسكار شرطاً، وليس لهذا الشرط أثر إلاّ تتميم قابليّة الخمر لترتّب الحكم، ومع الشك في تحقّق القابليّة لذلك لغير الخمر، فمقتضى القاعدة تخصيص الحكم به دون غيره. وأما إذا قال: لا تشرب الخمر لإسكاره، فظاهر الكلام كون الإسكار علّةً غائيةً، ومن المعلوم استحالة تخلّف المعلول عن العلّة، فيكون الحرمة معلولةً للإسكار ويدور الحكم مداره أينما وجد، فلا يختص الحرمة حينئذ بالخمر. وكذلك لو قال: لا تشرب الخمر لأنه مسكر… ولو كانت الإضافة توجب الخصوصيّة ـ فيما لو قال: لإسكاره ـ فهي موجبة لها لو قال: لأنه مسكر، لكون المسكر والإسكار كليهما مضافين إلى الخمر.
هذا، وقد تبعه السيد الخوئي(5) وأضاف: بأنّ عدم الفرق بين «لأنه مسكر» و«لإسكاره» في أنّ تمام الموضوع للحكم هو الإسكار ولا موضوعيّة للخمر، هو المتفاهم عند أهل العرف، فمقتضى القاعدة هو التعميم في كلا الموردين.

(1) وسائل الشيعة 1 / 158، الباب 9 من أبواب الماء المطلق، رقم: 1.
(2) سورة الإسراء: الآية 23.
(3) أجود التقريرات 2 / 379 ـ 380.
(4) نهاية الدراية 2 / 478 ـ 479. الهامش.
(5) أجود التقريرات 2 / 380. الهامش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *