الأمر الأول

الأمر الأول
من الواضح أنّ كلّ حادث ـ سواء كان حكماً أو موضوعاً لحكم ـ مسبوق بالعدم، غير أنَّ للحكم عدمين، عدم قبل الشرع وعدم بعده، فحرمة شرب الخمر حكم مجعول من قبل الشارع وله وجودان أحدهما قبل وجود الخمر، والآخر بعد وجوده، وكلاهما مسبوق بالعدم، ومن هنا يمكن للخروج عن عهدة التكليف التمسّك بالبراءة والتمسّك باستصحاب عدم الحكم أيضاً. أمّا الموضوع فليس له إلاّ عدم واحد.
ولا كلام في جريان استصحاب العدم الأزلي في الحكم.
ومورد البحث في جريانه في الموضوع.
والموضوع:
تارةً: هو عنوان ذاتي، وهو عبارة عن العنوان المنتزع من الصّورة الجوهريّة، كعنوان الكلبيّة المنتزع من نوع الكلب، وكعنوان الزيديّة المنتزع من الشخص.
وتارةً: هو عنوان مفارق غير ذاتي. وهذا على قسمين:
(الأول) العنوان المفارق للذات الملازم لها، مثل قرشية المرأة، فإنّها عنوان غير منتزع من ذات المرأة، بل ينتزع من الخارج إلاّ أنه ملازم للذات ولا ينفكُّ عنها.
(والثاني) العنوان المفارق للذات غير الملازم لها، وهو العنوان العرضي كالفسق مثلاً، فقد تكون الحالة السابقة معلومة من حيث الفسق والعدالة واخرى مجهولة.
ثم إن العنوان المفارق الملازم للذات، تارةً: يكون من لوازم وجودها، واخرى: من لوازم الماهية. وهذا مورد تفصيل المحقق العراقي والحكيم تبعاً له في المستمسك، كما سيأتي.
هذا، وللبحث عن جريان استصحاب العدم الأزلي في العناوين الذاتية موارد وله آثار مهمّة….
والمقصود من هذه المقدّمة، جريان البحث في جميع الأقسام المذكورة للموضوع، وإنّما يخرج من البحث صورة توارد الحالتين لانقطاع الحالة السابقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *