كلام الإصفهاني

كلام الإصفهاني
وقال المحقق الإصفهاني(1) مستشكلاً على قول (الكفاية): «لضرورة أنه لا يكاد يكون طبيعة معدومة إلا إذا لم يكن فرد منها بموجود وإلاّ كانت موجودة»، بتوضيح منا: بأن النفي يضاف إلى الطبيعة كالإثبات، فيقال: عدم الإنسان كما يقال: وجود الإنسان، فلا فرق بين الوجود المضاف إليها والعدم، بل المهم هو لحاظ المضاف إليه، فإنْ كانت الطبيعة مهملة، كان الوجود المضاف إليها قضيّة مهملة، وهي في قوّة الجزئية، والعدم المضاف إليها قضيّة سالبة وهي في قوّة الجزئيّة، فإن كان المضاف إليه مهملاً كانت القضيّة مهملة، موجبةً أو سالبة. وأمّا إن كانت الطبيعة المضاف إليها مقيدةً، كانت الموجبة جزئية وكذا السالبة، فإن كانت الطبيعة مطلقةً فهي موجبة كليّة أو سالبةً كليّة.
وعلى هذا، فلا يصح القول: بأن وجود الطبيعة بوجود فرد مّا وعدمها يكون بعدم جميع الأفراد، لأن المقابل لوجود الفرد مّا هو عدم الفرد مّا، ولجميع الأفراد هو عدم جميعها.
وعليه، فدلالة النكرة في سياق النفي أو النهي على العموم ليست عقليّة خلافاً لصاحب (الكفاية) إذ قال بأن دلالتها عليه عقلاً لا ينبغي أنه تنكر.
أقول:
وهذا الكلام وإنْ كان متيناً من الناحية العقليّة، إلاّ أن الملاك في أمثال المقام هو الإرتكاز العرفي لا الدقّة العقليّة، ونحن لو راجعنا العرف لرأيناهم يفهمون العموم من قولنا: لا رجل في الدار، ويرون اللفظ دالاًّ عليه من غير دخل لمقدّمات الحكمة أصلاً، ولذا لو قلنا بعد هذا الكلام: زيد في الدار، لاحتجّوا علينا بالمناقضة، من جهة إفادة النفي السابق للعموم ـ لا من جهة عدم تقييد الإطلاق في «رجل» ـ فإثبات وجود زيد وهو من أفراد العام يناقض النفي، لأن معنى: لا رجل في الدار هو كلّ أفراد الرجل ليس في الدار….
وقد تعرّض الأُستاذ لكلام المحقق الإصفهاني هذا في مباحث النواهي أيضاً.

(1) نهاية الدراية 2 / 448.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *