الإشكال عليه

الإشكال عليه
ويتوقف الإشكال في هذا المسلك على ذكر مقدّمات:
الاولى: إنه كما أنّ الإهمال في طرف موضوع القضية محال من المتكلّم الملتفت، كذلك في طرف الحكم، إلاّ أن تقوم القرينة عليه، كأن يكون في مقام التشريع مثلاً، والاّ فالأصل عدم الإهمال.
والمقدمة الثانية: إن المحمول في القضية الإنشائية تارةً: يكون من قبيل المعنى الحرفي مثل: أكرم زيداً، وأخرى: يكون من قبيل المعنى الاسمي مثل زيد يجب إكرامه. وقد ذهب هذا المحقق إلى أنه إن كان مدلولاً حرفيّاً كان الإطلاق والتقييد فيه تابعاً للإطلاق والتقييد في الموضوع، لعدم صلاحيّة المعنى الحرفي لهما، بخلاف المثال الآخر، فإن المدلول فيه معنى اسمي وهو قابل لهما.
والمقدمة الثالثة: إنّ مذهب العراقي هو أن التشخص يحصل من الإنشاء، وإلاّ فإن المنشأ بنفسه لا شخصيّة له… وما ذكره هو الصحيح، والإشكال عليه غفلة عن مقصوده.
وبعد هذه المقدّمات: إن المتكلّم إذا كان في مقام البيان والإهمال خلاف الأصل كما تقدّم، فقال: «زيد يجب إكرامه» فقد رتّب الحكم ـ وهو الوجوب الذي هو معنى سنخي وتشخّصه بالإنشاء ـ على الموضوع وأفاد الإنحصار… فلم يكن الإنتفاء عند الإنتفاء مختصّاً بالقضية الشرطية، بل هو حاصل في كلّ قضيّة حملية كذلك، وهذا باطل بالاتّفاق.
وهذا هو الإشكال نقضاً.
وأمّا حلاًّ: أما بالنسبة إلى الكبرى، فإنّ نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلّة إلى المعلول، وعليه، فإنّ الحكم المترتّب على الموضوع لخصوصية فيه، يفيد انحصار المحمول الخاصّ لذاك الموضوع المعيّن، ولا يفيد الانحصار بالنسبة إلى سنخ المحمول، فقوله بكفاية ظهور خصوصية عنوان الموضوع لنفي الغير وأنه لسنا بحاجة إلى الإطلاق، غير صحيح، لأن الخصوصيّة وإن كانت ظاهرةً في الانحصار، لكنها تحصر العنوان الخاص في هذا المحمول الخاص، وانتفاء هكذا محمول بانتفاء موضوعه عقلي، بل المقصود هو إثبات الإنحصار بالنسبة إلى سنخ المحمول، وهذا ما لا يمكن استفادته من الظهور الخاص للموضوع.
وأما بالنسبة إلى الصغرى، فقد أفاد أنّ الحكم يكون مهملاً بالنسبة إلى موضوعه في القضايا الحملية، لكنه بالنسبة إلى حالات الموضوع مطلق، وبالنظر إلى هذا الإطلاق يكون الحكم سنخيّاً، ثم إذا جاء الشرط تقيّد السنخ وحصل الانحصار… وفيه:
أوّلاً: إن هذا البيان إن تمّ في قضية خارجيّة مثل إنْ جاءك زيد فأكرمه، فإنه لا يتم في القضايا الشرعية، لأنها قضايا حقيقية ظاهرة في الإطلاق من جهة الأفراد ومن جهة أحوال الأفراد، فيكون الحمل فيها لسنخ الحكم لا شخصه.
وثانياً: إنّ الإطلاق الأحوالي للموضوع تعليقيٌّ وليس بتنجيزي، ولو كان تنجيزيّاً لوقع التناقض بين ما لو قال: إن جاءك زيد فأكرمه فقال بعد ذلك: وإن فعل كذا فأكرمه، مع أنه لا تناقض، فيظهر أنه تعليقي، وإذا كان كذلك، فإن كلّ معلَّق عليه فهو مقدّم على المعلّق، فكان الإطلاق الأحوالي للموضوع موقوفاً على عدم شرط آخر، فيلزم إقامة البرهان على عدم الشرط الآخر كي يتم الحصر، وهذا هو السرّ في إتعاب الميرزا وغيره نفسه لإثبات الإطلاق في مقابل «أو» وفي مقابل الشرط المتقدّم أو المتأخر….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *