الجهة الاولى: في مقتضى القاعدة

الجهة الاولى: في مقتضى القاعدة
ولابدّ من ذكر امور:
(الأول) إنه بين النهي التكليفي عن المعاملة والنهي الوضعي عنها عموم من وجه، مثلاً: النهي عن شرب الخمر حكم تكليفي، وعن الغرر في البيع حكم وضعي، وعن بيع الخمر تكليفي ووضعي معاً.
(الثاني) تارةً بتعلَّق النهي بالأثر المترتب على المعاملة، كما في الخبر(1): «ثمن العذرة مِنَ السّحت» فالحرمة تعلَّقت بالأثر وهو الثمن فلا يجوز التصرف في المال المأخوذ في مقابلها، فيدلّ على الفساد.
فهذا القسم من النهي يدلّ على الفساد، فهو خارج عن محلّ الكلام.
واخرى: يتعلّق النهي بشيء بحيث لا يجتمع مع نفوذ المعاملة، كما لو نهى الشارع عن منفعة خاصّة للشيء، فهنا تكون الحرمة ملازمةً لفساد المعاملة على تلك المنفعة الخاصّة بإجارة أو غيرها، للتمانع بين مقتضى النهي ومقتضى الآية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(2).
وهذا القسم لا خلاف في دلالته على الفساد، فهو خارج عن محلّ الكلام.
وثالثة: يتعلَّق النهي بشيء ويكون إرشاداً إلى المانعية، كما في النهي عن بيع المجهول، فإنه يدلّ على مانعيّة الجهالة في العوضين عن صحّة المعاملة، فيكون دليل صحة البيع بشرط لا عن الجهالة.
وهذا القسم كذلك لا خلاف فيه، فهو خارج.
ورابعة: يكون النهي إرشاداً إلى الفساد من أوّل الأمر، فهو دالٌّ على الفساد بالمطابقة، كما في الخبر: «لا تبع ما ليس عندك»(3).
وهذا القسم كذلك.
وخامسةً: أن يرد النهي عن معاملة فيكشف عن المبغوضيّة، فهل يقتضي الفساد أو لا؟
وهذا هو مورد البحث.
(الثالث) إن النهي يتعلَّق تارةً بالسبب واخرى بالمسبب وثالثة بالتسبّب.
فالأول: مثل النهي عن البيع وقت النداء يوم الجمعة، فالمنهي عنه إنشاء المعاملة حينذاك. والثاني: مثل النهي عن تمليك الكافر القرآن، فالمنهي عنه هو المسبب أي تسلّطه على القرآن. والثالث: مثل تمليك الزيادة في الربويّات عن طريق البيع، فتسبّب البيع مبغوض، فلو كان ذلك عن طريق الصلح مثلاً فلا نهي.
(الرابع) إن هنا بحثاً أساسه التحقيق عن حقيقة الإنشاء، ففيها مسلكان أساسيّان:
أحدهما: إن صيغ العقود والإيقاعات لها السببيّة لتحقق عنوان المعاملة.
والثاني: إنّ حقيقة الإنشاء هو الإعتبار والإبراز.
إن العقد هو العنوان المحصَّل من بعت واشتريت، أنكحت وقبلت… فهل الصيغة سبب موجد له كما عليه صاحب (الكفاية)، أو أنه آلةٌ والمعنى الاعتباري ذو الآلة كما عليه الميرزا؟ وحاصل القولين: مدخلية الصيغة وسببيّتها في الأمر الاعتباري.
وفي المقابل هو القول الثاني، وأن الصيغة كاشفة فقط ومبرزةٌ عن المعنى الاعتباري… وعلى هذا المبنى يعنون البحث هكذا: تارةً النهي بعنوان المبرِز واخرى بالمبرَز وثالثةً بالإبراز بهذه الصيغة.
وبعد:
ففي المسألة أقوال، أحدها: الصحّة مطلقاً، والثاني: الفساد مطلقاً، والثالث: التفصيل بين النهي المتعلِّق بالسبب والنهي المتعلّق بالمسبب، وفي التفصيل تفصيل.

(1) وسائل الشيعة 17 / 175، الباب 40 حكم بيع عذرة الانسان وغيره، الرقم: 1.
(2) سورة المائدة: الآية 1.
(3) وسائل الشيعة 17 / 357، الباب 12، الرقم 12 بلفظ «نهى عن بيع ما ليس عندك».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *