هل النهي عن الشيء يقتضي فساده؟/مقدّمات/الاولى: (في الفرق بين هذه المسألة و سابقتها)

هل النهي عن الشيء يقتضي فساده؟

مقدّمات
الاولى: (في الفرق بين هذه المسألة وسابقتها)
لقد كان موضوع البحث ـ في مسألة اجتماع الأمر والنهي ـ هو سراية النهي إلى متعلَّق الأمر وبالعكس وعدم سرايته، أما هنا، فالبحث عن اقتضاء النهي للفساد بناءً على السريان. وبعبارة اخرى: كان البحث هناك عن كون مورد الاجتماع من قبيل التعارض أو التزاحم. وهنا نقول: إنه بناءً على التعارض وتقدّم النهي هل يكون النهي موجباً للفساد أو لا؟ إذن، يكون البحث في المسألة السابقة محقّقاً للصغرى في هذه المسألة.
ومن هنا ذهب الميرزا(1) إلى خروج مسألة الاجتماع عن المسألة الاصولية، لعدم انطباق ضابطتها عليها، إذ المسألة الاصولية عبارة عن المسألة التي تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي بلا ضمّ ضميمة إليها، ووقوع مسألة الاجتماع في الطريق لا تحقّق له إلاّ بضمّ مسألة اقتضاء النهي في العبادة للفساد، فهي ليست اصوليةً.
ولا يرد عليه الإشكال من المحقق العراقي(2) من أن مسألة تعلّق النهي بالعبادة واقعيّة، إذ البحث فيها عن اقتضائه للفساد سواء علم بذلك أو لا، بخلاف مسألة الاجتماع، فإنّه بحث علمي لا واقعي، ولذا لو صلّى في المكان المغصوب عن جهل كانت صلاته صحيحةً على المشهور، وحينئذ، لا يعقل أن يكون البحث هناك عن صغرى هذه المسألة.
وجه عدم الورود هو: أنه إن قلنا بجواز الاجتماع، فلا موضوع للنهي عن العبادة كما هو واضح، وإنْ قلنا بالامتناع أي كون متعلّق الأمر والنهي شيئاً واحداً، فإنّ وحدة المتعلّق أمر واقعي لا دخل للعلم والجهل به، فإنْ سقط لم يبق الموضوع لمسألة النهي عن العبادة، إنْ سقط وكذلك الأمر والنهي كلاهما، وإنْ سقط الأمر وبقي النهي فلا شك في اقتضائه للفساد… فما ذكره الميرزا سالم من الإشكال. وإنْ توجّه الإشكال على المشهور القائلين بالصحّة في صورة الجهل بالغصبية مع قولهم بالامتناع، وذاك أمر آخر.

(1) أجود التقريرات 2 / 199.
(2) نهاية الأفكار (1 ـ 2) 450.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *