رأي الشيخ الأُستاذ

رأي الشيخ الأُستاذ

وقد رأى شيخنا أنّ الأفضل هو النظر في النصوص وحلّ المشكل على أساس ذلك مع لحاظ الفتاوى، فمن الفقهاء ـ كصاحب الحدائق ـ من يقول بالحرمة، ومنهم من يقول بالكراهة، ومنهم من يقول بالاستحباب، إمّا مطلقاً وإمّا على وجه الحزن كما عليه صاحب (الجواهر).
أمّا القول بالحرمة فللرواية التالية: «عن صوم يوم عاشوراء. فقال: صوم متروك بنزول شهر رمضان، والمتروك بدعة»(1) يعني: إنّ هذا الصوم منسوخ بصوم شهر رمضان فهو غير مشروع.
وفيه:
أوّلاً: هذه الرواية ضعيفة سنداً.
وثانياً: إن كونه متروكاً لا يدل على النسخ، فقد يكون المراد متروكيّة أصل الوجوب.
وثالثاً: إن النسخ لا يتلائم مع الرواية عن الإمام الباقر والتي فيها صدور الأمر بصوم عاشوراء عن أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسلام.
واختار السيد الخوئي الاستحباب بلا كراهيّة، وطرح جميع ما دلّ على المنع بالإشكال في أسانيدها، وأمّا رواية عبداللّه بن سنان، فهي في مصباح المتهجّد عن كتاب ابن سنان، ونحن لا علم لنا بحال سند الشيخ إلى كتاب عبداللّه بن سنان… ولو كان سنده إليه صحيحاً لأورد الخبر في التهذيب والاستبصار.
فتبقى روايات الاستحباب ـ كخبر عبداللّه بن ميمون القداح ونحوه ـ بلا معارض(2).
وقد ناقشه الأُستاذ: بأنْ هذا الخبر أسنده الشيخ في المصباح إلى ابن سنان، ولولا ثبوت السند عنده لما أسنده إليه. هذا أولاً. وثانياً: إنه قد عمل بهذه الرواية من لا يعمل بالأخبار الآحاد، كابن إدريس وابن زهرة. وثالثاً: إن للخبر سنداً معتبراً، فهو عن عمادالدين المشهدي الطبري ـ صاحب المزار ـ عن ابن الشيخ عن الشيخ عن المفيد عن ابن قولويه عن الصدوق عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبداللّه بن سنان.
وتلخّص: وجود رواية معتبرة مانعة، ولعلّه لذا أفتى في رسالته العملية بالكراهة، وإنْ كان كتاب (مستند العروة) متأخراً عنها… وظهر وجود التعارض بين أخبار المسألة، لأنّ بعضها يأمر وبعضها ينهى.
وأمّا القول بالاستحباب على وجه الحزن، فقد ذهب إليه صاحب (الجواهر)(3) تبعاً للشيخ وابن إدريس والمحقق، جمعاً بين النصوص.
لكنّ هذا الوجه لا يصلح للجمع بل هو تبرّعي… فالتعارض مستقر.
ومقتضى القاعدة حمل الأخبار الآمرة بالصّوم على التقيّة، لكونها موافقةً لنصوص العامّة وفتاواهم، كما لا يخفى على من يراجع (سنن الترمذي) و(المغني لابن قدامة)(4) وتبقى الناهية بلا معارض. ودعوى الإجماع على الاستحباب ـ إن تمّت ـ لا تضرّ، لكونه مدركيّاً، فالأحوط وجوباً ترك صوم يوم عاشوراء.

(1) وسائل الشيعة 10 / 461، الباب 21، رقم 5.
(2) مستند العروة الوثقى 22 / 317.
(3) جواهر الكلام 17 / 105.
(4) المغني في الفقه الحنبلي 3 / 133.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *