المقدمة الأُولى (في المراد بالواحد)

المقدمة الأُولى (في المراد بالواحد)
إنه لمّا قلنا في عنوان المسألة: هل يجوز اجتماع الأمر والنهي في واحد؟ فما هو المراد من «الواحد»؟
قال المحقق الخراساني(1): المراد بالواحد مطلق ما كان ذا وجهين ومندرجاً تحت عنوانين، بأحدهما كان مورداً للأمر وبالآخر للنهي، وإن كان كليّاً مقولاً على كثيرين كالصّلاة في المغصوب.
وإنّما ذكر هذا، لإخراج ما إذا تعدّد متعلّق الأمر والنهي ولم يجتمعا وجوداً ولو جمعها واحد مفهوماً، كالسجود للّه تعالى والسجود للصنم مثلاً، لا لإخراج الواحد الجنسي أو النوعي، كالحركة والسكون الكليّين المعنونين بالصّلاتيّة والغصبيّة.
وتوضيحه:
إن الواحد هنا إمّا هو الواحد الشخصي وإمّا الأعم، فإن كان الأوّل، خرج الجنسي والنوعي، والحال أن الحركة المعنونة بعنوان الغصب والصّلاة ليست واحداً شخصيّاً من الحركة بل واحد جنسي، فلو أُريد الشخصي خرج الفرض من دائرة البحث مع كونه وارداً.
وإن كان المراد هو الثاني، شمل البحث مثل السجود لكونه جامعاً للسجود للّه وللصنم، والحال أنه ليس مورداً لاجتماع الأمر والنهي، إذ لا مجمع بين السجود للّه وللصنم.
وإن كان هو الثالث، جاء المحذور المذكور في الثاني، لأن الأعمّ مشتمل على الأخصّ.
فذكر صاحب (الكفاية): أنه ليس المراد من «الواحد» هو المقابل للكلّي ليكون شخصيّاً، فيرد إشكال خروج الحركة، وليس الجنس ليرد إشكال ورود السجود، بل المراد من الواحد هو المقابل للمتعدّد وجوداً، والمقصود أنه تارةً: يكون لمتعلّق الأمر والنهي تعدّد وجودي، فهذا خارج عن البحث، كما في الصلاة والنظر إلى الاجنبية في أثنائها، وكما في السجود للّه وللصنم، وأُخرى: يكون لمتعلّقهما وحدة وجودية أعم من الواحد الشخصي أو الجنسي، فالصلاة في دار مغصوبة كلّي، لكنْ في مقام الوجود لها وجود واحد.
وعلى الجملة: إن أمكن الإشارة إلى كلٍّ من العنوانين على حدة، خرج الواحد ذو العنوانين عن البحث، كالصّلاة والنظر إلى الأجنبية، وإن كانت الإشارة إلى أحدهما الموجودين بوجود واحد عين الإشارة إلى الآخر، كان وارداً في البحث، كالصّلاة في الدار المغصوبة، وحينئذ، إن كانت وحدة الإشارة موجبةً لوحدة الوجود في الخارج حقيقةً فالامتناع وإلاّ فالجواز.

(1) كفاية الاصول: 150.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *