مناقب الإمام الرضا

مناقب الإمام الرضا
تواضعه:
دخل يوماً حماماً، فبينا هو في مكان من الحمام إذ دخل عليه جندي فأزاله عن موضعه وقال: صبّ على رأسي يا أسود، فصب على رأسه، فدخل من يعرفه فصاح: يا جندي هلكت، أتستخدم ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأقبل الجندي يقبل رجليه ويقول: هلا عصيتني إذ أمرتك! فقال: انها لمثوبة وما أردت أن أعصيك»(1).
«ودخل الحمام فقال له بعض الناس: دلّكني يا رجل، فجعل يدلّكه فعرفوه فجعل الرجل يعتذر منه وهو يطيب قلبه ويدلّكه»(2).
أدبه:
قال إبراهيم بن العباس: «ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا عليه السّلام، ما جفا أحداً ولا قطع على أحد كلامه، ولا رد أحداً عن حاجة وما مد رجليه بين يدي جليس، ولا اتكى قبله ولا شتم مواليه ومماليكه ولا قهقه في ضحكه، وكان يجلس على مائدة مماليكه ومواليه، قليل النوم بالليل يحيي أكثر لياليه من أولها إلى آخرها، كثير الصوم كثير المعروف والصدقة في السر، وأكثر ذلك في الليالي المظلمة»(3).
رأفته إلى خدمه:
وقال: «كان الرضا إذا جلس على مائدة أجلس عليها مماليكه حتى السيّاس والبواب»(4).
روى عبد الله بن الصلت عن رجل من أهل بلخ قال: «كنت مع الرضا في سفره الى خراسان، فدعا يوماً بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدةً فقال: مه ان الرب تبارك وتعالى واحد، والأم واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال»(5).
عن ياسر الخادم ونادر قالا: «قال لنا أبو الحسن ]الرضا[ عليه السّلام ان قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون فلا تقوموا حتى تفرغوا ولر بما دعا بعضنا فيقال له هم يأكلون فيقول دعهم حتى يفرغوا»(6).
قال نادر الخادم: «كان أبو الحسن إذا أكل أحدنا لا يستخدمه حتى يفرغ من طعامه»(7).
وقال: «كان أبو الحسن يضع جوزينجة(8) على الأخرى ويناولني»(9).
قال ياسر: «كان الرضا عليه السّلام إذا خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير والكبير فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم، وكان إذا جلس على المائدة لا يدع صغيراً ولا كبيراً حتى السائس والحجام الاّ أقعده معه على مائدته»(10).
ابن السبيل عنده:
قال اليسع بن حمزة: «كنت في مجلس أبي الحسن الرضا عليه السّلام أحدثه وقد اجتمع اليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام، إذ دخل عليه رجلٌ طوال آدم فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله، رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك، مصدري من الحج وقد افتقدت نفقتي، وما معي ما أبلغ مرحلة، فان رأيت ان تنهضني الى بلدي ولله علي نعمة، فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك فلست موضع صدقة فقال له: اجلس رحمك الله وأقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا، وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا فقال: أتأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان: قدم الله أمرك فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة ثم خرج ورد الباب واخرج يده من أعلى الباب وقال: أين الخراساني؟ فقال:ها أنا ذا، فقال: خذ هذه المائتي دينار واستعن بها في مؤنتك ونفقتك وتبرك بها ولا تصدق بها عني، واخرج فلا أراك ولا تراني، ثم خرج، فقال له سليمان: جعلت فداك، لقد أجزلت ورحمت فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة أن أرى ذلك السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أما سمعت حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله: «المستتر بالحسنة يعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له» أما سمعت قول الأوّل.
متى آته يوماً لأطلب حاجة *** رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه(11)
اطعامه الفقراء:
قال معمر بن خلاّد: «كان أبو الحسن الرضا عليه السّلام إذا أكل اُتي بصحفة فتوضع قرب مائدته، فيعمد الى أطيب الطعام مما يؤتى به فيأخذ من كل شيء شيئاً فيوضع في تلك الصحفة، ثم يتلو هذه الآية (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ثم يقول: علم الله عزّوجل ان ليس كل انسان يقدر على عتق رقبة، فجعل لهم سبيلا الى الجنة باطعام الطعام»(12).
مقاطعة الأجير أجرته:
قال سليمان بن جعفر الجعفري: «كنت مع الرضا عليه السّلام في بعض الحاجة فأردت أن أنصرف الى منزلي، فقال لي: انصرف معي فبت عندي الليلة فانطلقت معه، فدخل الى داره مع المعتب، فنظر الى غلمانه يعملون بالطين أوارى الدواب وغير ذلك، وإذا معهم أسود ليس منهم، فقال: ما هذا الرجل معكم؟ فقالوا: يعاوننا ونعطيه شيئاً، قال: قاطعتموه على أجرته؟ فقالوا: لا، هو يرضى منا بما نعطيه، فغضب لذلك غضباً شديداً ، فقلت: جعلت فداك لم تدخل على نفسك؟ فقال: اني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرّة أن يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه أجرته، واعلم أنّه ما من أحد يعمل لك شيئاً بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشيء ثلاثة أضعاف على أجرته الاّ ظن أنك قد نقصته أجرته، وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدك على الوفاء فان زدته عرف ذلك لك ورأى أنك قد زدته»(13).
لباسه وفراشه:
قال محمّد بن عباد: «كان جلوس الرضا عليه السّلام على حصير في الصيف وعلى مسح في الشتاء، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزيّن.
ولقيه سفيان الثوري في ثوب خز فقال: «يا ابن رسول الله لو لبست ثوباً أدنى من هذا! فقال: هات يدك، فأخذ بيده وادخل كمه فإذا تحت ذلك مسح فقال: يا سفيان، الخز للخلق والمسح للحق»(14).

(1) نور الأبصار للشبلنجي ص178.
(2) المناقب لابن شهر آشوب ج4 ص362.
(3) المصدر ص360.
(4) المصدر ص361.
(5) بحار الأنوار ج49 ص101 رقم 18.
(6) الفروع من الكافي ج6 ص298 رقم 10 كتاب الأطعمة باب النوادر.
(7) المصدر رقم 11.
(8) معرب جوزينة، وهي ما يعمل من السكر والجوز.
(9 و 10) الفروع من الكافي ج6 ص298.
(11) الفروع من الكافي ج4 ص23، ورواه ابن شهر آشوب في المناقب ج4 ص361 مع اختلاف في الألفاظ.
(12) المحاسن للشيخ البرقي، كتاب المآكل باب الإطعام ص392 رقم 39.
(13) الفروع من الكافي ج5 كتاب الاطعمة ص288 رقم1.
(14) المناقب لابن شهر آشوب ج4 ص360.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *