علم علي بن الحسين و احتجاجه

علم علي بن الحسين و احتجاجه
قال أبو منصور أحمد الطبرسي: «جاء رجلٌ من أهل البصرة الى علي بن الحسين عليه السّلام فقال: يا علي بن الحسين ان جدّك علي بن أبي طالب قتل المؤمنين، فهملت عينا علي بن الحسين دموعاً حتى امتلأت كفه منها، ثم ضرب بها على الحصى، ثم قال: يا أخا أهل البصرة، لا والله ما قتل علي مؤمناً، ولا قتل مسلماً، وما أسلم القوم ولكن استسلموا وكتموا الكفر وأظهروا الإسلام، فلما وجدوا على الكفر أعواناً أظهروه، وقد علمت صاحبة الجد والمستحفظون من آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم أن أصحاب الجمل وأصحاب صفين وأصحاب النهروان لعنوا على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى»(1).
وروى أبو حمزة الثمالي قال: «دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على علي ابن الحسين عليه السّلام فقال له: جعلني الله فداك! أخبرني عن قول الله عزّوجل: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ)(2) قال له: ما يقول الناس فيها قبلكم؟ قال: يقولون: انها مكة. فقال: وهل رأيت السرق في موضع أكثر منه بمكة، قال: فما هو؟ قال: انما عنى الرجال، قال: وأين ذلك في كتاب الله؟ فقال: أو ما تسمع الى قوله عزّوجل: (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَة عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ)(3) وقال (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ)(4)وقال: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا)(5) أفيسأل القرية، أو الرجال، أو العير؟ قال: وتلا عليه آيات في هذا المعنى، قال: جعلت فداك! فمن هم؟ قال: نحن هم، فقال: أوما تسمع الى قوله: (سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ)قال آمنين من الزيغ»(6).
وقال الطبرسي: «لقي عباد البصري علي بن الحسين عليه السّلام في طريق مكة فقال له: يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته، وأقبلت على الحج ولينه، وان الله عزّوجل يقول: (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ـ إلى قوله ـ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(7) فقال علي بن الحسين: إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم افضل من الحج»(8).
وقال: «وسئل عن الكلام والسكوت ايهما أفضل؟ فقال عليه السّلام: لكل واحد منهما آفات، فإذا سلما من الآفات، فالكلام افضل من السكوت. قيل: وكيف ذاك يا ابن رسول الله؟ قال: لأن الله عزّوجل ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت، انما يبعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجب ولاية الله بالسكوت، ولا توقّيت النار بالسكوت، ولا تجنب سخط الله بالسكوت انما ذلك كله بالكلام وما كنت لأعدل القمر بالشمس، انك تصف فضل السكوت بالكلام ولست تصف فضل الكلام بالسكوت»(9).

(1) الاحتجاج ج2 ص312.
(2) سورة سبا: 18.
(3) سورة الطلاق: 8.
(4) سورة الكهف : 59 .
(5) سورة يوسف: 82.
(6) الاحتجاج ص313.
(7) سورة التوبة: 111ـ112.
(8) الاحتجاج ص315.
(9) الاحتجاج ص315.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *