عبادة الحسين

عبادة الحسين
قال ابن شهر آشوب: «قيل للحسين عليه السّلام: ما أعظم خوفك من ربك؟ قال: لا يأمن يوم القيامة الاّ من خاف الله في الدنيا»(1).
قال أبو الفداء: «وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة»(2).
قال ابن عبد ربّه: «قيل لعلي بن الحسين: ما كان أقل ولد أبيك؟ قال: العجب كيف ولدت له، كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة فمتى كان يتفرّغ للنساء»(3).
قال أبو بكر التلمساني: « وكان كثير الصلاة والصيام والحج»(4).
قال أبو عبد البر: «وكان الحسين فاضلا ديّناً كثير الصيام والصلاة والحج»(5).
قال أبو الفداء: «وكان الحسين وأصحابه [ليلة عاشوراء] يصلون الليل كله ويدعون»(6).
قال المفيد: «فقام الليل [ليلة عاشوراء] كله يصلي ويستغفر ويدعو ويتضرع، وقام أصحابه كذلك يصلون ويدعون ويستغفرون»(7).
قال السيد ابن طاووس: «وبات الحسين وأصحابه تلك الليلة ولهم دويّ كدوي النحل ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد»(8).
وروى المحدث البحراني بإسناده عن علي بن الحسين «أنه لما كانت الليلة التي قتل أبوه في غدها، أن اباه قام الليل كله يصلي ويستغفر ويدعو وقام أصحابه كذلك يدعون ويصلون ويستغفرون»(9).
وروى الطبري باسناده عن الضحاك بن عبد الله المشرقي، قال: «فلما أمسى حسين وأصحابه، قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون، ويدعون ويتضرعون قال: فتمر بنا خيل لهم تحرسنا، وان حسيناً ليقرأ: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لاَِنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ * مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)(10) فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا…»(11).
وروى عن أبي مخنف بإسناده عن أبي خالد الكاهلي، قال: «لما صبحت الخيل الحسين رفع الحسين يديه، فقال: اللهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة، كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشكوته اليك، رغبة مني اليك عن سواك، ففرجته، وكشفته. فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة»(12).
وروى ابن عساكر بإسناده عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: «حج الحسين بن علي خمساً وعشرين حجة ماشياً ونجائبه تقاد معه»(13).
قال ابن شهر آشوب: «ساير الحسين أنس بن مالك فأتى قبر خديجة فبكى، ثم قال: اذهب عني. قال أنس: فاستخفيت عنه، فلما طال وقوفه في الصلاة سمعته قائلا:
يا رب يا رب أنت مولاه *** فارحم عُبيداً اليك ملجاه
يا ذا المعالي عليك معتمدي *** طوبى لمن كنت أنت مولاه
طوبى لمن كان خائفاً أرقاً *** يشكو الى ذي الجلال بلواه
وما به علة ولا سقم *** أكثر من حبّه لمولاه
إذا اشتكى بثه وغصته *** أجابه الله ثم لبّاه
إذا ابتلى بالظلام مبتهلا *** أكرمه الله ثم أدناه
فنودي:
لبيك لبيك أنت في كنفي *** وكلّ ما قلت قد علمناه
صوتك تشتاقه ملائكتي *** فحسبك الصوت قد سمعناه
دعاك عندي يجول في حجب *** فحسبك الستر قد سفرناه
لو هبّت الريح في جوانبه *** خرّ صريعاً لما تغشاه
سلني بلا رغبة ولا رهب *** ولا حساب إني أنا الله»(14)
روى الحمويني بإسناده عن شريح قال: «دخلت مسجد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فإذا الحسين بن علي فيه ساجد يعفر خده في التراب وهو يقول: سيدي ومولاي، ألمقامع الحديد خلقت أعضائي؟ أم لشرب الحميم خلقت أمعائي؟ الهي ان طالبتني بذنوبي لأطالبنك بكرمك، ولئن حبستني مع الخاطئين لأخبرنهم بحبي لك، سيدي ان طاعتي لا تنفعك ومعصيتي لا تضرك، فهب لي ما لا ينفعك، واغفرلي ما لا يضرك، فانك ارحم الراحمين»(15).
نعم، كان الحسين كما وصفه ابنه إمامنا المهدي أرواحنا له الفداء «طويل الركوع والسجود، زاهداً في الدنيا زهد الراحل عنها، ناظراً إليها بعين المستوحشين عنها»(16).

(1) المناقب ج4 ص69.
(2) المختصر في أخبار البشر ج1 ص191.
(3) العقد الفريد ج4 ص384.
(4) الجوهرة في نسب الإمام علي عليه السّلام ص39.
(5) الاستيعاب ج1 ص393.
(6) المختصر في أخبار البشر ج1 ص191.
(7) الإرشاد ص216.
(8) اللهوف في قتلى الطفوف ص83.
(9) حلية الأبرار ج1 ص581.
(10) سورة آل عمران، الآية 178، 179.
(11) تاريخ الطبري ج5، ص421.
(12) المصدر ص423.
(13) ترجمة الحسن من تاريخ مدينة دمشق ص149، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ج2، ص20، وابن كثير في البداية والنهاية ج8 ص207، وابن عبد ربه في العقد الفريد ج4 ص384، والهيثمي في مجمع الزوائد ج9، ص201.
(14) المناقب ج4، ص69.
(15) فرائد السمطين ج2 ص262 والخوارزمي في مقتل الحسين ج1، ص152.
(16) من فقرات زيارة الناحية المقدسة، وفي دعائه عليه السّلام يوم عرفة، المشحون بعبارات التوحيد والإخلاص، ودروس التزكية والتهذيب، والطافح ذلا وعبودية لله تعالى، نموذج سام من العبادة والابتهال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *