سورة الحجر

(سورة الحجر)
(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ)(1).
روى أحمد باسناده عن الحسن عن علي عليه السّلام قال: «فينا نزلت (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ)»(2).
وروى باسناده عن زيد بن أبي أوفى قال: «دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مسجده فذكر قصة مواخاة رسول الله بين أصحابه، فقال علي يعني للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت باصحابك ما فعلت غيري، فان كان هذا من سخط علي فلك العتبى والكرامة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: والذي بعثني بالحق ما أخّرتك الاّ لنفسي، فانت مني بمنزلة هارون من موسى الاّ انه لا نبي بعدي، فأنت أخي ووارثي قال: قال وما أرث منك يا رسول الله؟ قال ما ورث الانبياء قبلي، قال: وما ورث الانبياء قبلك؟ قال: كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصر في الجنة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (إِخْوَاناً عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ). المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض»(3).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن ابن عباس في قوله: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ) قال: «نزلت في علي بن أبي طالب وحمزة وجعفر وعقيل وأبي ذر وسلمان وعمار والمقداد والحسن والحسين»(4).
وروى الحضرمي باسناده عن زيد بن ارقم رضي الله عنه: «ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لعلي: أنت معي في قصري في الجنة، مع فاطمة ابنتي، ثم تلا (إِخْوَاناً عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ)(5).
وروى الهيثمي باسناده عن أبي هريرة «ان علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: يا رسول الله أينا أحب اليك أنا أم فاطمة، قال: فاطمة أحب إلى منك وأنت اعزّ علي منها، وكأني بك، وأنت على حوضي، تذود عنه الناس وان عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة (إِخْوَاناً عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ) أنت معي وشيعتك في الجنة ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (إِخْوَاناً عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ) لا ينظر أحد في قفا صاحبه»(6).
أقول: روى البحراني في (غاية المرام) حول هذه الآية من طريق العامة خمسة أحاديث، ومن الخاصة ستة أحاديث.
قال العلامة الحلي: والمواخاة تستدعي المناسبة والمشاكلة، فلما اختص علي عليه السّلام بمواخاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان هو الإمام(7).
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات لِّلْمُتَوَسِّمِينَ)(8).
روى الحاكم الحسكاني عن عبدالله بن بنان قال: «سألت جعفر بن محمّد عن قوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات لِّلْمُتَوَسِّمِينَ) قال: رسول الله اولهم، ثم أميرالمؤمنين، ثم الحسن، ثم الحسين؛ ثم علي بن الحسين، ثم محمّد بن علي، ثم الله اعلم، قلت: يا ابن رسول الله فما بالك أنت؟ قال: ان الرجل ربما كنّى عن نفسه».
وروى باسناده عن أبي جعفر قال: «بينما أميرالمؤمنين في مسجد الكوفة اذ أتته امرأة تستعدي على زوجها، فقضى لزوجها عليها فغضبت فقالت: والله ما الحق فيما قضيت ولا تقضي بالسوية، ولا تعدل في الرعيّة، ولا قضيتك عند الله بالمرضية، فنظر اليها مليّاً ثم قال: كذبت يا بذية يا بذية يا سلقلقه أو يا سلقى، فولت هاربة، فلحقها عمرو بن حريث فقال: لقد استقبلت عليّاً بكلام، ثم انه نزعك بكلمة فوليت هاربة قالت: ان علياً والله أخبرني بالحق وشيء اكتمه من زوجي منذ ولي عصمتي، فرجع عمرو إلى أميرالمؤمنين فأخبره بما قالت وقال: يا أميرالمؤمنين ما نعرفك بالكهانة فقال: ويلك انها ليست بكهانة مني ولكن الله انزل قرآناً: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات لِّلْمُتَوَسِّمِينَ)، فكان رسول الله هو المتوسم وأنا من بعده والأئمة من ذريتي بعدي هم المتوسمون، فلما تأملتها عرفت ما هي بسيماها»(9).
وروى العياشي باسناده عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر عليه السّلام بينما أميرالمؤمنين عليه السّلام جالس في مسجد الكوفة قد احتبى بسيفه والقى برنسه وراء ظهره إذا أتته امرأة مستعدية على زوجها، فقضى للزوج على المرأة فغضبت فقالت: لا والله ما هو كما قضيت، لا والله ما تقضي بالسوية، ولا تعدل في الرعية ولا قضيتك عند الله بالمرضية، قال: فنظر اليها أميرالمؤمنين فتأملها. ثم قال لها: اكذبت يا جرية يا بذية يا سلسع يا سلفع ـ أي التي تحيض من حيث لا تحيض النساء ـ قال: فولت هاربة وهي تولول وتقول: يا ويلي يا ويلي يا ويلي ثلاثاً، قال: فلحقها عمرو بن حريث فقال لها: يا امة الله اسألك! فقالت: ما للرجال وللنساء في الطرقات؟ فقال: انك استقبلت أميرالمؤمنين علياً بكلام سررتني به، ثم قرعك أميرالمؤمنين بكلمة فوليت مولولة؟ فقالت ان ابن أبي طالب والله استقبلني فأخبرني بما هو في وبما كتمته من بعلي منذ ولي عصمتي، لا والله ما رأيت طمثاً قط من حيث ترينه النساء، قال: فرجع عمرو بن حريث إلى أميرالمؤمنين؟ فقال له: والله يا أميرالمؤمنين ما نعرفك بالكهانة؟ فقال له: وما ذلك يا ابن حريث؟ فقال له: يا أمير المؤمنين ان هذه المرأة ذكرت انك أخبرتها بما هو فيها، وانها لم تر طمثاً قط من حيث تراه النساء فقال له: ويلك يا ابن حريث، ان الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الابدان بألفي عام وركب الأرواح في الابدان فكتب بين أعينها كافر ومؤمن وما هي مبتلاة بها إلى يوم القيامة، ثم أنزل بذلك قرآنا على محمّد فقال: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات لِّلْمُتَوَسِّمِينَ) فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المتوسم ثم أنا من بعده، ثم الاوصياء من ذريتي من بعدي، اني لما رأيتها تأملتها فأخبرتها بما هو فيها ولم أكذب»(10).
(فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)(11).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن السدي، في قوله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ) قال: عن ولاية علي، ثم قال: (عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فيما أمرهم به وما نهاهم عنه، وعن أعمالهم في الدنيا، ثم قال: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ)قال السدي: قال أبو صالح: قال ابن عباس: أمر الله ان يظهر القرآن، وان يظهر فضائل أهله بيته كما أظهر القرآن(12).
قال علي بن إبراهيم: نزلت بمكة بعد ان نُبّىء رسول الله صلّى الله عليه وآله بثلاث سنين، وذلك ان النبوة نزلت على رسول الله يوم الاثنين واسلم علي يوم الثلاثاء، ثم اسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي ثم دخل أبو طالب إلى النبي وهو يصلي وعلي عليه السّلام بجنبه، وكان مع أبي طالب فقال له أبو طالب: صل جناح ابن عمك، فوقف جعفر على يسار رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فبدر من بينهما، فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يصلي وعلي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة يأتمون به، فلما اتى لذلك ثلاث سنين أنزل الله عليه (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)والمستهزؤون برسول الله خمسة: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب والأسود بن عبد يغوث والحرث بن طلاطلة الخزاعي.
أما الوليد فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا عليه لما كان يبلغه من اذائه واستهزائه، فقال: اللهم اعم بصره واثكله بولده، فعمي بصره وقتل ولده ببدر، وكذلك دعا على الأسود بن يغوث والحارث بن طلاطلة…
ومرّ ربيعة بن الأسود برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأشار جبرئيل إلى بصره فعمي ومات.
ومرّ به الأسود بن عبد يغوث فأشار جبرئيل إلى بطنه فلم يزل يستسقي حتى انشق بطنه.
ومرّ العاص بن وائل فاشار جبرئيل إلى رجليه فدخل عود في اخمص قدمه، وخرج من ظاهره ومات.
ومرّ به الحرث بن طلاطلة فاشار جبرئيل إلى وجهه، فخرج إلى جبال تهامة فاصابته من السماء ديم استسقى حتى انشق بطنه وهو قول الله: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)(13).

(1) سورة الحجر: 47.
(2) فضائل أحمد رقم /140 مخطوط، ورواه القندوزي في ينابيع المودّة الباب التاسع والثلاثون ص118.
(3) فضائل أحمد ج1 حديث /204.
(4) شواهد التنزيل ج1 ص317 رقم /436.
(5) وسيلة المآل ص236 مخطوط.
(6) مجمع الزوايد ج9 ص173.
(7) منهاج الكرامة البرهان الثامن والثلاثون.
(8) سورة الحجر: 75.
(9) شواهد التنزيل ج1 ص222 ص323 رقم 446/447.
(10) التفسير ج2 ص248 رقم /32.
(11) سورة الحجر: 92ـ95.
(12) شواهد التنزيل ج1 ص325 رقم /452.
(13) تفسير القمي ج1 ص378 ملخّصاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *