سورة الرعد

(سورة الرعد)
(وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَاب وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَان يُسْقَى بِمَاء وَاحِد وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْض فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لِّقَوْم يَعْقِلُونَ)(1).
روى الحاكم النيسابوري باسناده عن جابر بن عبدالله قال: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لعلي عليه السّلام: يا علي الناس من شجر شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة، ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: (وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَاب وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَان يُسْقَى بِمَاء وَاحِد)(2).
وروى الحاكم الحسكاني باسناده عن أبي هارون العبدي قال: «سألت أبا سعيد الخدري عن علي بن أبي طالب خاصة فقال: سمعت رسول الله وهو يقول: خلق الناس من أشجار شتى، وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي فرعها، فطوبى لمن استمسك باصلها وأكل من فرعها»(3).
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)(4).
روى الحاكم النيسابوري باسناده عن علي (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد): «رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، المنذر، وأنا الهادي، هذا حديث صحيح الاسناد»(5).
وروى الطبري عن ابن عباس، قال: «لما نزلت (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)وضع صلّى الله عليه وسلّم يده على صدره، فقال: أنا المنذر ولكل قوم هاد، وأومأ بيده إى منكب علي، فقال: أنت الهادي يا علي؛ بك يهتدي المهتدون بعدي»(6).
وروى السيد شهاب الدين أحمد عن ابن عباس قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة اسري بي ما سألت ربي شيئاً الاّ اعطانيه، وسمعت منادياً من خلفي يقول: يا محمّد انما أنت منذر ولكل قوم هاد، قلت: أنا المنذر فمن الهادي؟ قال: علي الهادي المهتدي القائد أمتك إلى جنتي غراً محجلين برحمتي»(7).
وروى باسناده عن أبي برزة قال: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ) ثم يردّ يده إلى صدره، ثم يقول: (وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)ويشير الى علي بيده»(8).
وروى باسناده عن أبي برزة الأسلمي قال: «دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالطهور وعنده علي بن أبي طالب، فأخذ رسول الله بيد علي ـ بعد ما تطهر ـ فالزقها بصدره، ثم قال: (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ) ثم ردها إلى صدر علي ثم قال: (وَلِكُلِّ قَوْم هَاد) ثم قال: انك منارة الانام وغاية الهدى وأمير القراء اشهد على ذلك انك كذلك»(9).
وروى باسناده عن عبدالله بن عامر، قال ازعجت الزرقاء الكوفية إلى معاوية فلما ادخلت عليه. قال لها معاوية: ما تقولين في مولى المؤمنين علي؟ فانشأت تقول:
صلى الإله على قبر تضمنه *** نور فأصبح فيه العدل مدفونا
من حالف العدل والايمان مقترناً *** فصار بالعدل والايمان مقروناً
فقال لها معاوية: كيف غررت فيه هذه الغريرة؟ فقالت: سمعت الله يقول في كتابه لنبيه: (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد) المنذر رسول الله والهادي علي ولي الله(10).
اقول: روى البحراني في (غاية المرام) حول هذه الآية من طريق العامة سبعة احاديث ومن الخاصة ثلاثة وعشرين حديثاً.
واستدل العلامة الحلي بالآية والروايات وقال: وهو صريح في ثبوت الامامة والولاية(11).
(أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)(12).
روى الحافظ ابن مردويه باسناده عن ابن عباس أنه قال: (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ) هو علي بن أبي طالب عليه السّلام(13).
روى السيد البحراني عن أبي جعفر عليه السّلام (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ) قال: علي بن أبي طالب عليه السّلام(14).
قال شرف الدين: «قوله سبحانه (أَفَمَن يَعْلَمُ) اي هل يكون مساوياً في الهدى من يعلم (أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى) عنه وهذا استفهام يراد به الانكار، ومعناه ان الله سبحانه فرق بين الولي والعدو، فالولي هو الذي يعلم يقيناً ان الذي أنزل إلى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم من ربه انّه هو الحق، والعدو وهو الأعمى الذي عمى عنه: اي هل يستوي هذا، وهذا في الدرجة والمنزلة لا يستون عند الله، فليس العالم كالجاهل والمبصر كالأعمى، فالولي العالم أميرالمؤمنين عليه السّلام والعدو الجاهل الأعمى هو عدوه»(15).
(الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(16).
روى البحراني باسناده عن انس بن مالك وعن ابن عبّاس انهما قالا: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) أتدري من هم يا ابن ام سليم؟ قلت: فمن هم يا رسول الله؟ قال: نحن أهل البيت وشيعتنا»(17).
قال علي بن إبراهيم قوله: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ) قال: الذين آمنوا الشيعة وذكر الله أميرالمؤمنين والأئمة عليهم السّلام ثم قال (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ) قال: الذين آمنوا الشيعة وذكر الله أميرالمؤمنين والأئمة عليهم السّلام ثم قال (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(18).
(الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآب)(19).
روى القندوزي الحنفي باسناده عن الباقر عليه السّلام قال: «سئل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآب) فقال: هي شجرة في الجنة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة، فقيل له: يا رسول الله، سألناك عنها فقلت: هي شجرة في الجنة أصلها في دار علي وفاطمة وفرعها على أهل الجنة. فقال: ان داري ودار علي وفاطمة واحدة غداً في مكان واحد، وهي شجرة غرسها الله تبارك وتعالى بيده ونفخ فيها من روحه، تنبت الحلي والحلل، وان اغصانها لترى من وراء سور الجنة»(20).
وروى الحبري الكوفي باسناده عن ابن عباس: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآب) شجرة أصلها في دار علي في الجنة في دار كل مؤمن منها غصن، يقال لها شجرة طوبى (وَحُسْنُ مَآب) حسن المرجع(21).
وروى الحاكم الحسكاني باسناده عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه، قال: «سئل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن طوبى قال: هي شجرة اصلها في داري وفرعها على أهل الجنة. ثم سئل عنها مرة اخرى فقال: هي في دار علي، فقيل له في ذلك فقال: إن داري ودار علي في الجنة بمكان واحد»(22).
وروى محب الدين الطبري وابن حجر الهيتمي بسندهما إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن تمسك بنا اتخذ إلى ربه سبيلا»(23).
وروى السيوطي وابن المغازلي عن ابن سيرين قال «طوبى شجرة في الجنة اصلها في حجرة علي بن أبي طالب، ليس في الجنة حجرة الاّ فيها غصن من أغصانها»(24).
وروى الحاكم الحسكاني عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوماً لعمر بن الخطاب: ان في الجنة لشجرة ما في الجنة قصر ولا دار، ولا منزل، ولا مجلس الاّ وفيه غصن من أغصان تلك الشجرة، وأصل تلك الشجرة في داري، ثم مضى على ذلك ثلاثة أيام، ثم قال رسول الله: يا عمر انّ في الجنّة لشجرة ما في الجنة قصر ولا دار، ولا منزل، ولا مجلس الاّ وفيه غصن من أغصان تلك الشجرة، أصلها في دار علي بن أبي طالب، قال عمر: يا رسول الله قلت ذلك اليوم: ان أصل تلك الشجرة في داري، واليوم قلت: ان اصل تلك الشجرة في دار علي، فقال رسول الله: أما علمت ان منزلي ومنزل علي في الجنة واحد، وقصري وقصر علي في الجنة واحد، وسريري وسرير علي في الجنة واحد»(25).
روى شرف الدين باسناده عن ابن عباس قال: «طوبى شجرة أصلها في دار علي في الجنة وفي دار كل مؤمن منها غصن»(26).
أقول: روى البحراني في غاية المرام حول هذه الآية من طريق العامة خمسة أحاديث، ومن الخاصة أحد عشر حديثاً.
(أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)(27).
روى البحراني باسناده عن أبي صالح «ان عبدالله بن عمر قرأ قوله تعالى: (أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) يوم قتل أميرالمؤمنين وقال: يا أميرالمؤمنين لقد كنت الطرف الأكبر في العلم، اليوم نقص علم الاسلام ومضى ركن الايمان»(28).
وروى باسناده عن الشافعي عن مالك عن سمّي عن أبي صالح قال: لما قتل علي بن أبي طالب قال ابن عباس: هذا اليوم نقص العلم من أرض المدينة، ثم ان نقصان الأرض نقصان علماءها وخيار اهلها، ان الله لا يقبض هذا العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فيسألوا فيفتوا بغير علم فضلّوا وأضلوا(29).
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلا قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)(30).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن أبي سعيد الخدري قال: «سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن قول الله تعالى: (وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب»(31).
وروى باسناده عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) قال: علي بن أبي طالب(32).
وروى باسناده عن أبي صالح في قوله تعالى: (وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) قال: «علي بن أبي طالب كان عالماً بالتفسير والتأويل، والناسخ والمنسوخ، والحلال والحرام»(33).
روى السيد شهاب الدين أحمد باسناده عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى (وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) قال: «علي بن أبي طالب»(34).
وروى عن عبدالله بن سلام، في قوله: (وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) قال: «سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال: انما ذلك علي بن أبي طالب»(35).
روى شرف الدين حديثاً مسنداً إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: «قال لي أميرالمؤمنين يا سلمان، الويل كل الويل لمن لا يعرف لنا حق معرفتنا وأنكر فضلنا يا سلمان، ايّما افضل؟ محمّد أو سليمان بن داود؟ قال سلمان فقلت: بل محمّد صلّى الله عليه وآله. فقال يا سلمان هذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من سبأ إلى فارس في طرفة عين وعنده علم من الكتاب ولا أقدر أنا؟ وعندي علم ألف كتاب أنزل الله منها على شيث بن آدم خمسين صحيفة، وعلى ادريس النبي ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم الخليل عشرين صحيفة، وعلم التوراة، وعلم الانجيل، والزبور والفرقان. قلت: صدقت يا سيدي، فقال: اعلم يا سلمان، ان الشاك في امورنا وعلومنا كالممتري في معرفتنا وحقوقنا وقد فرض الله تعالى ولا يتنا في كتابه في غير موضع وبين فيه ما وجب العمل به وهو مكشوف»(36).
وروى القندوزي باسناده عن الباقر عليه السّلام قال: هذه الآية نزلت في علي عليه السّلام انه عالم هذه الامة(37).
وروى باسناده عن ابن عباس قال: «من عنده علم الكتاب انما هو علي، لقد كان عالماً بالتفسير والتأويل والناسخ والمنسوخ»(38).
وروى الحبري الكوفي باسناده عن أبي مريم، قال حدثني عبدالله بن عطا، قال: كنت جالساً مع أبي جعفر في المسجد فرأيت ابنا لعبد الله بن سلام جالساً في ناحية فقلت لأبي جعفر: زعموا ان أبا هذا الذي عنده علم من الكتاب، قال. لا، ذلك علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين، واوحى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قل للناس من كنت مولاه، فأبلغ بذلك وخاف الناس، فأوحى إليه (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(39) فأخذ بيد علي عليه السّلام فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه(40).
روى البحراني في (غاية المرام) حول هذه الآية من طريق العامة خمسة احاديث ومن الخاصة ثماني عشرة حديثاً.
وقال العلامة الحلي: وهذا يدل على انّه أفضل فيكون هو الإمام(41).

(1) سورة الرعد: 4.
(2) المستدرك على الصحيحين ج2 ص241، ورواه الذهبي في تلخيص المستدرك، والسيد شهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص320 مخطوط، والسيوطي في الدر المنثور ج4 ص44، والحمويني في فرائد السمطين ج1 الباب الرابع ص51 رقم /17، ورواه الهيثمي في مجمع الزوايد ج9 ص100.
(3) شواهد التنزيل ج1 ص289 رقم /396.
(4) سورة الرعد: 7.
(5) المستدرك على الصحيحين ج3 ص129، ورواه الذهبي في تلخيص المستدرك، وابن عساكر في ترجمة الإمام علي أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج2 ص416 رقم /915.
(6) جامع البيان (الطبري) ج13 ص108، ورواه الشبلنجي في نور الابصار ص90، والكنجي في كفاية الطالب ص232، والزرندي في نظم درر السمطين ص90 والحسكاني في شواهد التنزيل ج1 ص294 وابن عساكر ج2 ص417.
(7) شواهد التنزيل ج1 ص296 رقم /403.
قال السيد علي البهبهاني: أن الآية الكريمة تدل على احتياج الأمة إلى الهادي، الذي جعله الله تعالى هادياً لهم، لانه تعالى حصر وصف نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم في الانذار. ومن الواضح أن الدين والاسلام لا يكمل بالانذار فقط، لأنّ الانذار انّما يوجب تأسيس الأساس، ومجرد التأسيس لا يوجب البقاء، لأنّه معرض للزوال والنقصان، فلابد في البقاء من وجود قيم وحافظ وهاد يهدي اليه في القرون الآتية، فقال عز من قائل بعد ذلك: (وَلِكُلِّ قَوْم هَاد) يعني أني كما جعلتك نبياً منذراً. وأسست أساس الدين بك، أكملته وأحكمته وأتممت نعمتي على الناس، بأن جعلت لكل قوم في القرون اللاحقة هاداً، به يهتدي المهتدون، وينفي عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فدلت الآية الكريمة على أمور:
الأول: الاحتياج الى هاد بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في إبقاء الدين وصونه عن النقصان والزوال.
والثّاني: أن منصب الهداية كمنصب الانذار، انما هو من المناصب الالهية التي لا يتطرق فيها اختيار الناس.
والثالث: أنه تلو النبوة، لأن تأثير أحدهما في التأسيس والآخر في الابقاء فكلاهما من أصول الدين، ويجب على الناس معرفة الهادي والاعتراف بماقمه، واتباعه كما يجب عليهم معرفة المنذر، والاقرار برسالة واطاعته.
مصباح الهداية ص94.
(8) شواهد التنزيل ج1 ص297 رقم 405، ورواه الحبري في ما نزل من القرآن في أهل البيت ص62 والسيوطي في الدر المنثور ج/4 ص45. والزرندي ص90 والحمويني في الباب 28 ص148.
(9) شواهد التنزيل ج1 ص301 رقم /414.
(10) شواهد التنزيل ج1 ص303 رقم /415، والبيتان لسودة بنت عمارة بن الاشتر الهمدانيّة راجع العقد الفريد ج2 ص103، والدر المنثور في طبقات ربّات الخدور ص253.
(11) منهاج الكرامة البرهان الثالث عشر.
(12) سورة الرعد: 19.
(13) تأويل الآيات الظاهرة ص129 مخطوط، ورواه البحراني في البرهان في تفسير القرآن ج2 ص287 رقم 2.
(14) البرهان في تفسير القرآن ج2 ص287 رقم 1.
(15) تأويل الآيات الظاهرة ص130 مخطوط.
(16) سورة الرعد: 28.
(17) غاية المرام الباب الخامس والتسعون ومائة، والباب السادس والتسعون ومائة ص429.
(18) تفسير القمي ج1 ص365.
(19) سورة الرعد: 29.
(20) ينابيع المودة الباب الرابع والأربعون ص131.
(21) ما نزل من القرآن في أهل البيت ص63، ورواه الطبرسي في مجمع البيان.
(22) شواهد التنزيل ج1 ص304 رقم /417.
قال العلامة السيد علي البهبهاني في توضيح ذلك: انّ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم في جواب السائل: انّ داري ودار علي واحدة غداً في مكان واحد، يدلّ على أن منزلته عليه السّلام منه صلّى الله عليه وآله وسلّم منزلة نفسه الشريفة وهما في درجة واحدة عند الله تعالى شأنه كما أن قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم أصلها في دار علي وفرعها على أهل الجنة. وليس من مؤمن الا وفي داره غصن منها، كاشف عن أنه عليه السّلام أفضل المؤمنين وسيّدهم وخيرهم بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، ويتبين المعنى الأول أيضاً من آية (أَنفُسَنَا) وخبر المنزلة وحديث المؤاخاة المتواترين من الجانبين، ومنها يتبين المعنى الثاني أيضاً، ضرورة أن من كان بمنزلة نفس النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأخا له صلّى الله عليه وآله وسلّم يكون سيد المؤمنين. وأفضلهم، وخيرهم مصباح الهداية ص236.
(23) ذخائر العقبى ص16، والصواعق المحرقة 90.
(24) الدر المنثور ج4 ص59، ومناقب علي بن أبي طالب ص268 رقم /315.
(25) شواهد التنزيل ج1 ص306 رقم /421.
(26) تأويل الآيات الظاهرة ص131، قال الطبرسي: رواه عبيد بن عمير، ووهب، وأبو هريرة وشهر بن حوشب، وأبو سعيد الخدري مرفوعاً.
(27) سورة الرعد: 41.
(28 و 29) غاية المرام باب الحادي والأربعون ومأتان ص444.
(30) سورة الرعد: 43.
(31) شواهد التنزيل ج1 ص307 ص308 ص310 رقم 422/423/427.
(32 و 33) شواهد التنزيل ج1 ص307 ص308 ص310 رقم 422/423/427.
(34 و 35) توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص320 مخطوط.
(36) تأويل الآيات الظاهرة ص134 مخطوط.
(37 و 38) ينابيع المودّة الباب الثلاثون ص102 ص104.
(39) سورة المائدة: 67.
(40) ما نزل في القرآن في أهل البيت ص63.
(41) منهاج الكرامة البرهان الحادي والثلاثون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *