علّي يناجي رسول الله و النبي يناجي علياً

علّي يناجي رسول الله و النبي يناجي علياً
أخرج الترمذي باسناده عن جابر: قال: «دعا رسول الله علياً يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ما انتجيته ولكن الله انتجاه»(1).
وروى الحمويني باسناده في قوله تعالى. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً)(2) قال ابن عبّاس في رواية الواليبي: «ان المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه فأنزل الله هذه الآية، فلما نزلت كأن كثيراً من الناس كفوا عن المسألة»(3).
وباسناده عن علي عليه السّلام قال: «آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ولن يعمل بها أحد بعدي، وهي آية النجوى، كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكلما أردت أن أناجي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قدمت بين يدي نجواي درهماً، فنسخته الآية الاخرى (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات)؟!(4)(5).
وباسناده عن علي عليه السّلام: «انّه ناجى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عشر مرات بعشر كلمات قدمها عشر صدقات فسأل في الأولى: ما الوفاء؟ قال: التوحيد وشهادة أن لا إله الا الله، ثم قال: وما الفساد؟ قال: الكفر والشرك بالله عزّوجل، قال: وما الحق؟ قال: الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت اليك، قال: وما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة، قال: وما عليّ؟ قال: طاعة الله وطاعة رسوله، قال: وكيف أدعو الله تعالى؟ قال: بالصدق واليقين، قال: وماذا أسأل الله تعالى؟ قال: العافية، قال: وماذا أصنع لنجاة نفسي؟ قال: كُل حلالا وقل صدقاً، قال: وما السرور؟ قال: الجنة، قال: وما الراحة؟ قال: لقاء الله تعالى.
فلما فرغ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من جواب أسئلة علي، نسخ حكم وجوب الصدقة قبل التناجي مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم»(6).
قال الشنقيطي: «فمن ذلك اختصاصه بالعمل بآية النجوى، فقد أخرج ابن الجوزي في اسباب النزول عن علي رضي الله عنه انه قال: آية في كتاب الله عزّوجلّ لم يعمل بها أحد قبلي ولن يعمل بها أحد بعدي، آية النجوى كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم، فلما أردت أن أناجي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قدمت درهماً فنسختها الآية الاُخرى (أَأَشْفَقْتُمْ) الآية»(7).
وروى ابن عساكر باسناده عن جابر، قال: «لما كان يوم الطائف ناجى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً طويلا فلحق أبو بكر وعمر فقالا: طالت مناجاتك علياً يا رسول الله، قال: ما أنا أناجيه ولكن الله انتجاه».
وباسناده عن جابر بن عبدالله «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم انتجى علياً طويلا، فقال أصحابه: ما أكثر ما يناجيه، فقال: ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه»(8).
قال الكنجي: «قال مجاهد: نهوا عن مناجاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى يتصدقوا، فلم يناجه إلاّ علي بن أبي طالب قدم ديناراً فتصدق به ثم نزلت الرخصة، فكانت الصدقة عند النجوى فريضة من الله. فهذه آية من كتاب الله لم يعمل بها غير علي عليه السّلام»(9).
وقال محمّد بن طلحة: «اورد أئمة التفسير: الثعلبي والواحدي وغيرهما، ان الأغنياء كانوا قد غلبوا الفقراء على المجالس عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأكثروا مناجاته، حتى كره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك لطول جلوسهم ومناجاتهم، فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ)(10) فأمر بالصدقة أمام المناجاة، فأما أهل العسرة فلم يجدوا، وأما أهل الغنى فبخلوا، فخف ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم واشتد على اصحابه، فنزلت الآية التي بعدها رخصة فنسختها»(11).

(1) سنن الترمذي ج5 ص303، ورواه ابن المغازلي في المناقب ص124، الحديث 162، والخوارزمي في المناقب الفصل الرابع عشر ص82، ومحمّد بن طلحة في مطالب السؤل ص39، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص42. ورواه البدخشي في مفتاح النجاء ص74.
(2) سورة المجادلة: 12.
(3) فرائد السمطين ج1 ص357.
(4) سورة المجادلة: 13.
(5) المصدر ص358.
(6) المصدر ص359، ورواه محمّد بن يوسف الزرندي في نظم درر السمطين ص90، ومحمّد صدر العالم في معارج العلى في مناقب المرتضى ص119 مخطوط.
(7) كفاية الطالب ص73.
(8) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج2 ص308، الحديث 809ـ810.
(9) كفاية الطالب ص137.
(10) سورة المجادلة: 12.
(11) مطالب السؤل ص80 مخطوط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *