عليٌ وصيّ رسول الله

عليٌ وصيّ رسول الله
وكذلك الأحاديث في وصايته له، فإنّها واردة عن عدّة من الأصحاب، وقد تقدّم بعضها، ومنها ما نذكره هنا:
روى الخوارزمي باسناده عن بريدة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لكل نبي وصيّ ووارث، وانّ عليّاً وصيّي ووارثي»(1).
وبإسناده عن أمّ سلمة زوج النبّي قال: «وكان لها مولى خصّها وربّاها، وكان لا يصلّي صلاة إلاّ سبّ علياً وشتمه فقالت له: يا ابة ما حملك على سب علي عليه السّلام؟ قال: لأنه قتل عثمان وشرك في دمه، فقالت له: أما انّه لولا انك مولاي وربيّتني وانّك عندي بمنزلة والدي ما حدثتك بسرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولكن اجلس حتى أحدّثك عن علي وما رأيته: قد أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وكان يومي وانما كان نصيبي في تسعة أيام يوم واحد، فدخل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو مخلّل أصابعه في أصابع عليّ عليه السّلام واضعاً يده عليه، فقال: يا امّ سلمة اخرجي من البيت وأخليه لنا، فخرجت، وأقبلا يتناجيان وأسمع الكلام، ولا أدري ما يقولان، حتّى إذا أنا قلت قد انتصف النهار وأقبلت فقلت: السلام عليكم، ألج؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا تلجي وارجعي إلى مكانك، ثم تناجيا طويلا حتى قام عمود الظهر فقلت: ذهب يومي وشغله علي، فأقبلت أمشي حتى وقفت على الباب، فقلت: السلام عليكم، ألج؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا تلجي، فرجعت وجلست مكاني، حتى إذا أنا قلت قد زالت الشمس الآن يخرج إلى الصلاة، فيذهب يومي، ولم أرقط أطول منه، اقبلت أمشي حتى وقفت على باب الدار، فقلت: السلام عليكم، ألج؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: نعم فلجي، فدخلت وعلي عليه السّلام واضع يده على ركبتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قد أدنى فاه من أذن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على أذن علي عليه السّلام يتساران، وعلي يقول: أفأمضي وأفعل؟ والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: نعم. فدخلت وعليّ معرض وجهه حتى دخلت وخرج، فأخذني النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأقعدني في حجره، فالتزمني فأصاب منّي ما يصيب الرجل من أهله من اللطف والاعتذار، ثم قال لي: يا ام سلمة، لا تلوميني، فإن جبرئيل أتاني من الله تعالى بأمر أن أوصي به عليّاً من بعدي، وكنت بين جبرئيل وعلي وجبرئيل عن يميني وعلي عن شمالي، فأمرني جبرئيل أن آمر علياً بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة، فاعذريني ولا تلوميني، ان الله اختار من كل أمّة نبياً ،واختار لكلّ نبي وصياً، فأنا نبي هذه الأمة وعليّ وصيّي في عترتي وأهل بيتي وامّتي من بعدي، فهذا ما شهدت من عليّ الآن. يا أبتاه فسبّه أو دعه.
فأقبل أبوها يناجي الليل والنهار ويقول: اللهم اغفرلي ما جهلت من أمر علي بن أبي طالب عليه السّلام، فإن وليّي ولي علي وعدوي عدو علي، فتاب المولى توبة نصوحاً وأقبل فيما بقي من دهره يدعو الله أن يغفر له»(2).
وروى أحمد باسناده عن أنس بن مالك، قال: قلنا لسلمان: «سل النبي من وصيّه؟ فقال له سلمان: يا رسول الله، من وصيك؟ فقال: يا سلمان من كان وصيّ موسى؟ فقال: فقلت يوشع بن نون، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: فإنّ وصييّ ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب»(3).
وروى الحمويني باسناده عن ابن عبّاس، قال: «كنا نتحدّث ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عهد إلى علي سبعين عهداً لم يعهده إلى غيره. وفي رواية أخرى: ثمانين عهداً»(4).
وروى ابن عساكر باسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس، قال: «كنت جالساً مع فتية من بني هاشم عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ انقضّ كوكب، فقال النبي: من انقضّ هذا النجم في منزله فهو الوصيّ من بعدي، فقام فتية من بني هاشم فنظروا فإذا الكواكب قد انقض في منزل علي، قالوا: يا رسول الله قد غويت في حبّ علي، فأنزل الله تعالى(5): (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) إلى قوله (وَهُوَ بِالاُْفُقِ الاَْعْلَى)»(6).
وروى عن أبي أيوب الانصاري: «ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لفاطمة: اما علمت ان الله اطلع إلى أهل الأرض فاختار منهم اباك فبعثه نبياً، ثم اطلع الثانية فاختار بعلك، فأوحى الي فانكحته واتخذته وصياً»(7).
وروى محمّد بن رستم باسناده عن أبي هريرة عن سلمان، عن رسول الله: «إنّ وصيّي وموضع سرّي وخليفتي على أهلي وخير من اخلّفه بعدي علي بن أبي طالب»(8).
وروى السيد شهاب الدين أحمد باسناده «عن أنس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: انّ أخي ووصيّي ووزيري علي بن أبي طالب»(9).
وروى الحضرمي باسناده «عن أنس ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: وصيّي ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب»(10).
وروى القندوزي الحنفي باسناده عن الاصبغ بن نباتة، قال: قال أميرالمؤمنين عليه السّلام في بعض خطبه: «أيّها الناس، أنا امام البرية ووصيي خير الخليقة وأبو العترة الطاهرة الهادية، أنا أخو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ووصيّه ووليّه وصفيّه وحبيبه، أنا أميرالمؤمنين وقائد الغر المحجلين وسيّد والوصيين، حربي حرب الله، وسلمي سلم الله، وطاعتي طاعة الله وولايتي ولاية الله، وأتباعي اولياء الله، وأنصاري أنصار الله»(11).
وبإسناده عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده أميرالمؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ان الله قد فرض عليكم طاعتي ونهاكم عن معصيتي وفرض عليكم طاعة علي بعدي ونهاكم عن معصيته، وهو وصيّي ووارثي وهو مني وأنا منه، حبه ايمان وبغضه كفر، محبه محبي ومبغضه مبغضي، وهو مولى من أنا مولاه وأنا مولى كل مسلم ومسلمة، وأنا وهو أبوا هذه الأمة»(12).
وبإسناده عن جعفر الصادق عن آبائه عن أميرالمؤمنين علي عليهم السّلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يا علي أنت أخي ووارثي ووصيّي، محبّك محبّي ومبغضك مبغضي، يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة، يا علي أنا وأنت والأئمة من ولدك سادات في الدنيا وملوك في الآخرة، من عرفنا فقد عرف الله عزّوجل ومن أنكرنا فقد أنكر الله عزّوجلّ»(13).
وروى ابن حجر باسناده عن ابن عمر قال: «بينما النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جالس ذات يوم، اذ هبط عليه جبرئيل الروح الأمين فقال: يا محمّد ربّ العزة يقرئك السلام ويقول: انه لما أخذ ميثاق النبيين أخذ ميثاقك وأنت في صلب آدم، فجعلك سيّد الانبياء وجعل وصيّك سيّد الأوصياء علي بن أبي طالب»(14).
وروى القندوزي الحنفي بإسناده عن أبي أيوب الأنصاري قال: «إنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مرض فأتته فاطمة رضي الله عنها وبكت، فقال: يا فاطمة انّ لكرامة الله ايّاك زوجك من هو اقدمهم سلماً وأكثرهم علماً، ان الله تعالى اطلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختارني منهم فجعلني نبياً مرسلا، ثم اطلع اطلاعة ثانية فاختار منهم بعلك فأوحى اليّ أن ازوجه إياك وأتخذه وصيّاً، يا فاطمة منّا خير الأنبياء وهو أبوك، ومنّا خير الأوصياء وهو بعلك، ومنّا خير الشهداء وهو حمزة عمّ أبيك، ومنّا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو جعفر ابن عمّ أبيك، ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين وهما ابناك، والذي نفسي بيده منّا مهدي هذه الأمة وهو من ولدك»(15).
وباسناده عن جعفر الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: «كان عليّ عليه السّلام يرى مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قبل الرسالة الضوء ويسمع الصوت، وقال له: لو لا انّي خاتم الانبياء لكنت شريكاً في النبوة، فان لم تكن نبيّاً فانك وصيّ نبي ووارثه، بل أنت سيد الأوصياء وامام الاتقياء»(16).

(1) المناقب الفصل السابع ص42، ورواه ابن المغازلي في المناقب ص201 الحديث 238، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ج3 ص5 الحديث 1021، والكنجي في كفاية الطالب ص260.
(2) المناقب الفصل الرابع عشر ص89.
(3) الفضائل (المناقب) ج1، الحديث 172، مخطوط، ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص43 مع فرق يسير، والكنجي في كفاية الطالب ص292.
(4) فرائد السمطين ج1 ص361.
(5) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص10، الحديث 1023.
(6) سورة النجم: 1ـ7.
(7) ترجمة أمير المؤمنين ص296.
(8) تحفة المحبين بمناقب الخلفاء الراشدين ص186 مخطوط، ورواه عن أبي سعيد عن سلمان ص185.
(9) توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص409، مخطوط.
(10) وسيلة المآل ص239.
(11) ينابيع المودة الباب الخامس عشر ص81.
(12) ينابيع المودة، الباب الحادي والأربعون ص123.
(13) المصدر.
(14) لسان الميزان ج1 ص480.
(15) ينابيع المودة الباب الثالث والسبعون ص436.
(16) المصدر ص80.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *