يوم أرسلها النبيُّ لتنظر إلى امرأة يخطبها

يوم أرسلها النبيُّ لتنظر إلى امرأة يخطبها
أقول:
أولاً: روى الحافظ أبو نعيم قال: «حدثنا محمد بن معمر، ثنا محمد بن أحمد بن داود المؤدّب البغدادي، ثنا محمد بن يحيى بن فيّاض، حدثني أبي يحيى بن فيّاض، ثنا سفيان، حدثني جابر عن ابن سابط عن عائشة: إن النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم أرسل عائشة إلى امرأة فقالت: ما رأيت طائلاً. فقال: لقد رأيت خالاً بخدّها اقشعرّت ذؤابتك. فقلت: ما دونك سرّ، ومن يستطيع أن يكتمك»(1).
وأخرجه الحافظ الخطيب البغدادي عنه، فقال: «اخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: نبأنا محمد بن معمر الذهلي…»(2).
وأخرجه الحافظ ابن عساكر من طريق الخطيب فقال: «أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الحسن علي بن أحمد قالا حدّثنا، وأبو منصور ابن خيرون، أنبأنا: أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا محمد بن معمر الذهلي…»(3).
وأخرجه الشيخ علي المتقي كذلك عن ابن عساكر(4).
وثانياً: وهنا أيضاً اختلفوا في اسم هذه المرأة، ففي الإستيعاب والإصابة واسد الغابة: «شراف بنت خليفة الكلبيّة» وفي سبل الهدى والرشاد: «شراق ـ بفتح الشين المعجمة وتخفيف الراء وبالقاف ـ بنت خليفة الكلبية».
وثالثاً: وهنا أيضاً حاولوا كتم الحقيقة والتغطية على الخيانة والفضيحة، فاختلفت كلماتهم. فقال ابن عبدالبر: «شراف بنت خليفة الكلبية، اخت دحية بن خليفة الكلبي، تزوّجها رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم، فهلكت قبل دخوله بها»(5).
ولم يبيّن السبب، وأنّها أين توفّيت!!
وقال بعضهم: «فماتت في الطريق قبل وصولها إليه»(6).
وقال ابن الأثير: «تزوّجها رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم ولم يدخل بها فيما قيل.
أخبرنا أبو موسى إجازةً، أخبرنا أبو غالب، أخبرنا أبو بكر (ح) قال أبو موسى: وأخبرنا الحسن، حدثنا أبو نعيم قالا: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن عبداللّه الحضرمي، حدثنا عبدالرحمن بن الفضل بن الموفق، حدثنا أبي، أخبرنا سفيان الثوري، عن جابر، عن ابن أبي مليكة قال: خطب النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم امرأةً من بني كلب، فبعث عائشة تنظر إليها.
أخرجها أبو نعيم وأبو عمرو وأبو موسى»(7).
وقال الصالحي: «روى الطبراني وأبو نعيم وأبو موسى المديني في ترجمتها من طريق جابر الجعفي عن أبي مليكة إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم خطب امرأةً من بني كلب، فبعث عائشة تنظر إليها، فذهبت ثم رجعت فقال: ما رأيت؟ قالت: ما رأيت طائلاً. قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: لقد رأيت خالاً بخدّها اقشعرَّت كلّ شعرة منك. فقالت: ما دونك سرٌّ»(8).
ورواه ابن حجر عن الطبراني وأبي نعيم عنه كذلك ثم قال:
«قد ورد التصريح بذكرها عند ابن سعد عن هشام ابن الكلبي، عن شرقي بن القطامي قال: لمّا هلكت خولة بنت الهذيل، تزوّج رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم شراف بنت خليفة أُخت دحية ولم يدخل بها. ثم أخرج أثر عائشة المذكور عن محمّد بن عمر، عن الثوري، عن جابر الجعفي به»(9).
ورابعاً: قال ابن قتيبة، في كتاب النساء، باب الحسن والجمال: «عن عائشة رضي اللّه عنها ـ قالت: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم امرأةً من كلب، فبعثني أنظر إليها، فقال لي: كيف رأيت؟ فقلت: ما رأيت طائلاً. فقال: لقد رأيت خالاً بخدّها اقشعّر كلّ شعرة منك على حدة»(10).
وقال ابن قيّم الجوزية: «ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم خطب امرأةً من كلب، فبعث عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ تنظر إليها، فقال لها: كيف رأيتيها؟ قالت: ما رأيت طائلاً، قال: لقد رأيت طائلاً…»(11).
فظهر:
1 ـ إن السند غير منحصر بطريق محمّد بن عمر الواقدي، سواء كان هذا الرجل ثقة عندهم أو لا.
2 ـ إنّ الحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره لم يتكلّموا على طريق الواقدي بالطعن فيه.
3 ـ إنّه لولا دلالة القصّة على منقصة عظيمة لعائشة، لما سعوا في كتمها أو التحريف للفظها..
4 ـ وقد رأيت أنّ ابن قتيبة وغيره يروون القصّة في باب الحسن والجمال.

قيل:
5 ـ أما قوله: وخاصمته صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم ـ يوماً إلى أبيها ـ نزولاً على حكم العاطفة.
فإن الموسوي اعتمد في قوله هذا على حديث ضعيف رواه الطبراني في الأوسط، والخطيب في التاريخ من حديث عائشة بسند ضعيف. انظر: إحياء علوم الدين 2 : 44.

(1) أخبار اصبهان 2 : 188 بترجمة: محمد بن يحيى بن فياض الزماني.
(2) تاريخ بغداد 1 : 301 بترجمة محمد بن أحمد بن داود المؤدب البغدادي.
(3) تاريخ مدينة دمشق 51 : 36.
(4) كنز العمّال 12 : 418 برقم 35460 باب فضائل النبيّ، فضائله متفرقةً.
(5) الاستيعاب 4 : 1868 رقم 3397.
(6) سبل الهدى والرشاد 11 : 225.
(7) اسد الغابة 6 : 161.
(8) سبل الهدى والرشاد 11 : 225.
(9) الاصابة 8 : 120 وقد حرّفت يد الأمانة كلمة «لقد» إلى «أقد…»!!
(10) عيون الأخبار 4 : 20.
(11) أخبار النساء: 9.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *