قرائن داخلية

قرائن داخلية:
بقي الكلام في قرائن في داخل ألفاظ حديث المنزلة، تقوّي دلالته على الإمامة العامّة لعليّ بعد رسول اللّه، ومنها:
1 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ في بعض الألفاظ ـ لعليّ: «لابُدّ من أن أُقيم أو تقيم».
وهذا في رواية ابن سعد(1)، وقال الحافظ ابن حجر: «إسناده قوي»(2).
2 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم له ـ في بعض الألفاظ ـ: «إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك».
وهذا في رواية جماعة من الأئمّة، منهم الحاكم في كتاب التفسير من مستدركه، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»(3).
3 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم له ـ في بعض الألفاظ ـ: «لك من الأجر مثل ما لي، وما لك من المغنم مثل ما لي».
وهذا في رواية جماعة أيضاً، منهم الحافظ محبّ الدين الطبري(4).
4 ـ قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم له ـ في بعض الألفاظ ـ: «إنّه لا ينبغي أنّ أذهب إلاّ وأنت خليفتي».
وهذا في رواية جماعة كبيرة من الأئمّة، كأحمد بن حنبل، وأبي يعلى، والحاكم، وابن عساكر، وابن كثير، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، والمتّقي الهندي، وغيرهم(5).
5 ـ تمنّى عمر وسعد لأن تكون لهما هذه المنزلة.
روى ذلك عن عمر: الحاكم النيسابوري، وأبوبكر الشيرازي، والزمخشري، وابن النجّار، ومحبّ الدين الطبري، والسيوطي، والمتّقي الهندي(6).
أمّا ابن تيميّة فيقول: «هذا كذب»!!
وأمّا الأعور الواسطي فيقول: «إنّ عمر لو عقل ما تمنّى هذا التمنّي»!!
لكنّ سعد بن أبي وقّاص أيضاً تمنّى ذلك.
ومن رواته: ابن جرير الطبري، وعنه المتّقي الهندي(7).
6 ـ وقد استدلَّت الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء بحديث المنزلة، في كلام لها مع الناس(8).
7 ـ وقالت الهاشمية أروى بنت الحارث بن عبدالمطّلب في كلام لها مع معاوية: «كنّا ـ أهل البيت ـ أعظم الناس في هذا الدين بلاءً، حتّى قبض اللّه نبيّه مشكوراً سعيه، مرفوعاً منزلته، فوثبت علينا بعده تيم وعدي وأُميّة، فابتزّونا حقّنا، ولّيتُم علينا تحتجّون بقرابتكم من رسول اللّه ونحن أقرب إليه منكم وأوْلى بهذا الأمر، وكنّا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان عليّ بن أبي طالب بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى»(9).
هذا تمام الكلام في حديث المنزلة، وكيفية الاستدلال به على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ودفع الشبهات عنه..
هذا، ولولا تمامية دلالته على الإمامة العامّة لعليّ بعد رسول اللّه لَما اضطرّ بعضهم إلى أن يضع عنه: «أبوبكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى» فإنّه ـ في الحقيقة ـ إقرار بالدلالة مع صحّة السند، وردّ على جميع المعترضين.
ثمّ إنّ السيّد رحمه اللّه تعرّض هنا لحديث المؤاخاة وحديث سدّ الأبواب، بمناسبة اشتمال بعض ألفاظهما على حديث المنزلة، فذكر جملةً من موارد تنصيص النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على الأُخوّة بينه وبين أمير المؤمنين، كما في كتب السُنّة، وألفاظاً من حديث سدّ الأبواب إلاّ باب عليّ، ونحن نوضّح الكلام في هذين الحديثين بنحو الإيجاز:

(1) الطبقات الكبرى 3 : 24.
(2) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 7 : 60.
(3) المستدرك على الصحيحين 2 : 337.
(4) الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشّرة 3 : 119.
(5) راجع: مسند أحمد 1 : 544 / 3052، المستدرك على الصحيحين 3 : 133، الرياض النضرة 3 : 175، البداية والنهاية 7 : 338، الإصابة 4 : 270، كنز العمّال 11 : 606 / 32931.
(6) راجع: الرياض النضرة 3 : 118، كنز العمّال 13 : 122 / 36392، وغيرهما.
(7) كنز العمّال 13 : 162 / 36495.
(8) أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب ـ للحافظ ابن الجزري الشافعي ـ: 50 ـ 51.
(9) العقد الفريد 2 : 119 ـ 120، تاريخ أبي الفداء 1 : 188، وغيرهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *