قوله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم اللّه)

قوله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم اللّه).

قال السيّد:
فهم الناس المحسودون الّذين قال اللّه فيهم: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم اللّه من فضله)(1).

فقال في الهامش:
كما اعترف به ابن حجر، حيث عدّ هذه الآية من الآيات النازلة فيهم، فكانت الآية السادسة من آياتهم التي أوردها في الباب 11 من صواعقه. وأخرج ابن المغازلي الشافعي ـ كما في تفسير هذه الآية من الصواعق ـ عن الإمام الباقر أنّه قال: نحن الناس المحسودون واللّه. وفي الباب 60 والباب 61 من غاية المرام ثلاثون حديثاً صحيحاً صريحاً بذلك(2).

فقيل:
كلام المؤلّف في الحاشية يوهم أنّ كلام ابن حجر وكلام ابن المغازلي الشافعي، دليلان يعضد أحدهما الآخر على أنّ هذه الآية في أهل البيت، بينما هما دليلٌ واحد، فابن حجر ناقلٌ عن ابن المغازلي الشافعي، كما هو مصرّح به في صواعقه 125، فضلاً عن أنّه دليل أوهى من بيت العنكبوت.

أقول:
لقد روى نزول الآية المباركة في أهل البيت عليهم السلام غير واحد من أعلام أهل السُنّة، قبل الفقيه ابن المغازلي الشافعي.
منهم: أبو عبداللّه المرزباني: قال الحافظ ابن شهرآشوب السروي(3): «حدثني أبو الفتوح الرازي في روض الجنان بما ذكره أبو عبداللّه المرزباني، بإسناده عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم اللّه من فضله) نزلت في رسول اللّه وفي علي عليهما السلام»(4).
ومنهم: الحافظ الحسكاني، رواه بأسانيد له عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام(5).
فهم يروونه بأسانيدهم عن ابن عبّاس، وعن أئمّة أهل البيت عليهم السلام، كما يرويه أصحابنا الإماميّة سواء.
ورواه الفقيه ابن المغازلي عن طريق الحافظ ابن عقدة، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام قال ـ في هذه الآية ـ: «نحن الناس»(6).
ورواه عنه ابن حجر المكي في الصواعق، وأبو بكر الحضرمي في رشفة الصادي، والقندوزي في ينابيعه، كما في الهامش.
وأرسله ابن أبي الحديد ارسال المسلّم حيث قال: ـ في سياق جملة من مناقب الإمام عليه السلام ـ: «وجاء في تفسير قوله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم اللّه من فضله) أنها انزلت في علي وما خصّ به من العلم»(7).
هذا، والمقصود ـ كما أشرنا مراراً ـ إثبات أنّ هذه الفضائل والمناقب متفّق عليها بين الفريقين، رواها كلّ فريق بأسانيده الخاصّة ونقلها في كتبه المعروفة، لئلاّ يقال أنها قضايا تفرّد بها الإماميّة فلا يجوز إلزام الغير بها ولا تكون حجةً عليه.
هذا، وابن حجر المكي صاحب الصواعق المحرقة من أكابر علماء القوم المشهورين، توجد ترجمته في كثير من المصادر، كـ النور السافر في أعيان القرن العاشر وغيره، ومنهم من أفرد ترجمته بالتأليف، وكتابه من الكتب المؤلّفة ضد الإماميّة ـ كما صرّح به في ديباجته ـ ولذا أمكن لأصحابنا أن يستدلّوا بما جاء فيه من المناقب والفضائل، غير أن أتباع ابن تيميّة يكرهون الحافظ ابن حجر المكي، لكونه من أشدّ الناس على شيخهم، وفتياه بضلالته معروفة موجودة.

* * *

(1) سورة النساء 4 : 54.
(2) المراجعات: 31.
(3) من أعلام علماء الإماميّة في القرن السادس، وتوجد ترجمته في كتاب بغية الوعاة للسيوطي، وكتاب الوافي بالوفيات للصفدي، والبلغة في طبقات علماء النحو واللغة للفيروزآبادي، وغيرها من كتب أهل السُنّة. توفّى سنة 588.
(4) مناقب آل أبي طالب 3 : 246.
(5) شواهد التنزيل 1 : 143 ـ 144 / 195 و 197.
(6) مناقب علي بن أبي طالب: 267 / 314.
(7) شرح نهج البلاغة 7 : 220.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *