مع ابن تيميّة

مع ابن تيميّة:
قال ابن تيميّة، في جواب الاستدلال العلاّمة الحلّي بالآية المباركة: «قال الرافضي: البرهان الرابع عشر: قوله تعالى: (وقفوهم إنّهم مسؤولون)… من طريق أبي نعيم، عن الشعبي، عن ابن عبّاس، قال في قوله تعالى: (وقفوهم إنّهم مسؤولون) عن ولاية عليّ. وكذا في كتاب الفردوس عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ….
وإذا سئلوا عن الولاية وجب أن تكون ثابتة له، ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك؛ فيكون هو الإمام.
والجواب من وجوه:
أحدها: المطالبة بصحّة النقل، والعزو إلى الفردوس وإلى أبي نعيم لا تقوم به حجّة باتّفاق أهل العلم.
الثاني: إنّ هذا كذب موضوع بالاتّفاق.
الثالث: إنّ اللّه تعالى قال: (بل عجبت ويسخرون…) فهذا خطاب عن المشركين المكذّبين بيوم الدين… وما يفسّر القرآن بهذا ويقول: النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم فسّره بمثل هذا إلاّ زنديق ملحد، متلاعب بالدين، قادح في دين الإسلام، أو مفرط في الجهل لا يدري ما يقول.
وأيّ فرق بين حبّ عليّ وطلحة والزبير وسعد وأبي بكر وعمر وعثمان؟!
الرابع: إنّ قوله: (مسؤولون) لفظ مطلق لم يوصل به ضمير يخصّه بشيء، وليس في السياق ما يقتضي ذِكر حبّ عليّ. فدعوى المدّعي دلالة اللفظ على سؤالهم عن حبّ عليّ من أعظم الكذب والبهتان.
الخامس: إنّه لو ادّعى مدّع أنهم مسؤولون عن حبّ أبي بكر وعمر لم يكن إبطال ذلك بوجه إلاّ وإبطال السؤال عن حبّ علي أقوى وأظهر». انتهى(1).

أقول:
يكفي في جوابه أن يقال:
أوّلاً: إنّ هذا الحديث رواه كبار الأئمّة وأعلام الحديث بطرق متعدّدة، وقد ذكرنا أسامي بعضهم وجملةً من أسانيدهم في روايته، فإن كان هؤلاء كلّهم زنادقة، ملحدين، متلاعبين بالدين، قادحين في الإسلام، أو مفرطين في الجهل لا يدرون ما يقولون… فما ذنبنا؟!!
ثانياً: قد ظهر ممّا تقدّم صحّة بعض أسانيد هذا الحديث، وإنّ له شواهد عديدة في كتب القوم بأسانيد معتبرة….
وحينئذ لا أثر للسياق، ولا مجال للسؤال عن الفرق بين حبّ عليّ وحبّ غيره من صحابة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وبه يظهر بطلان دعوى السؤال عن حبّ غيره في يوم القيامة.
وبهذا الموجز يظهر أن ليس لهذا المفتري في مقابل هذا الاستدلال برهان معقول ولا قولٌ مقبول.

(1) منهاج السُنّة 7 : 143 ـ 146.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *