تفسير سعيد بن جبير عن ابن عبّاس

تفسير سعيد بن جبير عن ابن عبّاس:
وأيضاً: ليس الإمام الصادق عليه السلام هو وحده الذي فسّر الآية المباركة بما عرفت، وإن كان وحده حجّة كافية كما بيّنّا، فقد روي عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس أيضاً….
فقد قال الشيخ القندوزي الحنفي: «أخرج صاحب كتاب المناقب عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس ـ رضي اللّه عنهما ـ قال: كنّا عند النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم، إذ جاء أعرابي فقال: يا رسول اللّه! سمعتك تقول (واعتصموا بحبل اللّه)فما حبل اللّه الذي نعتصم به؟ فضرب النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله]وسلّم يده في يد عليّ وقال: تمسّكوا بهذا، هو حبل اللّه المتين»(1).

أقول:
ولا يخفى ما في جملة «هو حبل اللّه المتين» من الدلالة الواضحة على عصمة أمير المؤمنين عليه السلام، وعلى أنّه «حبل اللّه» كما أنّ «القرآن» حبل اللّه… ويشهد بذلك الحديث الصحيح: «عليّ مع القرآن، والقرآن مع عليّ لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض»(2).
ويشهد بصحّة هذه الرواية عدم ذكر قول لسعيد بن جبير، في تفسير ابن الجوزي، في الأقوال المنقولة عنه، مع أنّ سعيداً من أئمّة التفسير، بلا كلام.
أمّا ابن عبّاس، فهو من أعلم بني هاشم بالقرآن بعد أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وقال ابن تيميّة: فابن عباس كان من كبار أهل البيت وأعلمهم بتفسير القرآن(3).
ولو وجدنا متّسعاً من الوقت لتتبّعنا الكتب لنجد سند هذه الرواية وتصحيحه، بل للعثور على رواة آخرين، لتفسير الآية المباركة بأهل البيت الطاهرين أو سيّدهم أمير المؤمنين، ولكن لا حاجة، فبما ذكرناه غنىً وكفاية، لمن طلب الحقّ والهداية.

(1) ينابيع المودّة 1 : 356 / 11.
(2) المستدرك على الصحيحين 3 : 124؛ وبلفظ: «لن يتفرّقا (يفترقا)، صحّحه الحاكم وأقرّه الذهبي، جامع الأحاديث ـ للسيوطي ـ 6 : 198 ح 14319، مجمع الزوائد 9 : 134، فيض القدير 4 : 356 ح 5594، كنز العمّال 11 : 603 ح 32912، وله مصادر كثيرة.
(3) منهاج السُنّة: 4 : 26.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *