6 ـ التحريف بحذف « فاطمة » وزيادة : « أبي بكر وولده وعمر وولده وعثمان وولده »

6 ـ التحريف بحذف « فاطمة » وزيادة : « أبي بكر وولده وعمر وولده وعثمان وولده » :
وهذا لم أجده إلاّ عند ابن عساكر ، وبترجمة عثمان بالذات ! من تاريخه ، قال :
« أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم ، أنبأ أبو الفضل بن الكريدي ، أنبأ أبوالحسن العتيقي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، نا أبو الحسين أحمد بن قاج ، نا محمّد بن جرير الطبري ـ إملاءً علينا ـ نا سعيد بن عنبسة الرازي ، نا الهيثم بن عديّ ، قال :
سمعت جعفر بن محمّد عن أبيه في هذه الآية ( تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ).
قال : فجاء بأبي بكر وولده ، وبعمر وولده ، وبعثمان وولده ، وبعلي وولده »(1) .
ورواه عنه : السيوطي(2) والشوكاني(3) والآلوسي(4) والمراغي(5) ساكتين عنه !! نعم قال الآلوسي : « وهذا خلاف ما رواه الجمهور ».

أقول :
كانت تلك محاولات القوم في قبال حديث المباهلة ، وتلاعباتهم في لفظه… بغضّ النظر عن تعابير بعضهم عن الحديث بـ « قيل » و« روي » ونحو ذلك ممّا يقصد منه الاستهانة به عادة.
هذا ، والأليق بنا ترك التكلّم على هذه التحريفات ـ زيادة ونقيصة ـ لوضوح كونها من أيد أموية ، تحاول كتم المناقب العلوية ، لعلمهم بدلالتها على مزايا تقتضي الأفضليّة ، كما حاولت في ( حديث الغدير ) و( حديث المنزلة ) ونحوهما.
وفي ( حديث المباهلة ) أرادوا كتم هذه المزية ، ولو بترك ذكر أصل القضيّة ! أو بحذف اسم عليّ أو فاطمة الزكية ،…
ولولا دلالة الحديث على الأفضلية ـ كما سيأتي ـ لما زاد بعضهم « عائشة وحفصة » إلى جنب فاطمة !!
بل أراد بعضهم إخراج الحديث عن الدلالة بانحصار هذه المزيّة في أهل البيت عليهم السلام ، فوضع على لسان أحدهم ـ وهو الإمام الباقر ، يرويه عنه الإمام الصادق ـ ما يدلّ على كون المشايخ الثلاثة في مرتبة عليّ ، وأن ولدهم في مرتبة ولده !!
وضعوه على لسان الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام ليروج على البسطاء من الناس !!
وكم فعلوا من هذا القبيل على لسان أئمّة أهل البيت عليهم السلام وأولادهم ، في الأبواب المختلفة من التفسير والفقه والفضائل(6) !
إنّ ما رواه ابن عساكر لم يخرجه أحد من أرباب الصحاح والمسانيد والمعاجم ، ولا يقاوم ـ بحسب قواعد القوم ـ ما أخرجه أحمد ومسلم والترمذي وغيرهم ، ونصّ الحاكم على تواتره ، وغيره على ثبوته.
بل إنّ هذا الحديث لم يعبأ به حتّى مثل ابن تيميّة المتشبّث بكلّ حشيش !
إنّ هذا الحديث كذب محض ، باطل سنداً ومتناً… ولنتكلّم على اثنين من رجاله :
1 ـ سعيد بن عنبسة الرازي :
ليس من رجال الصحاح والسنن ونحوها ، وهو كذّاب ، ذكره ابن أبي حاتم فقال : « سعيدبن عنبسة ، أبو عثمان الخزّاز الرازي… سمع منه أبي ولم يحدّث عنه ، وقال : فيه نظر.
حدّثنا عبد الرحمن ، قال : سمعت علىّ بن الحسين ، قال : سمعت يحيى بن معين ـ وسئل عن سعيد بن عنبسة الرازي ـ فقال : لا أعرفه.
فقيل : إنّه حدّث عن أبي عبيدة الحداد حديث والان ؟ فقال : هذا كذّاب.
حدّثنا عبد الرحمن ، قال : سمعت عليّ بن الحسين يقول : سعيد بن عنبسة كذّاب.
سمعت أبي يقول : كان لا يصدق »(7) .
2 ـ الهيثم بن عدي :
وقد اتفقوا على أنّه كذّاب.
قال ابن أبي حاتم : « سئل يحيى بن معين عن الهيثم بن عدي ، فقال : كوفيّ وليس بثقة، كذّاب.
سألت أبي عنه ، فقال : متروك الحديث »(8) .
وأورده ابن حجر الحافظ في ( لسانه ) فذكر الكلمات فيه :
البخاري : ليس بثقة ، كان يكذب.
يحيى بن معين : ليس بثقة ، كان يكذب .
أبو داود : كذّاب.
النسائي وغيره : متروك الحديث.
ابن المديني : لا أرضاه في شيء.
أبو زرعة : ليس بشي.
العجلي : كذّاب.
الساجي : كان يكذب.
أحمد : صاحب أخبار وتدليس.
الحاكم والنقّاش : حدّث عن الثقات بأحاديث منكرة.
محمود بن غيلان : أسقطه أحمد ويحيى وأبو خيثمة.
ذكره ابن السكن وابن شاهين وابن الجارود والدارقطني في الضعفاء.
كذّب الحديث ـ لكون الهيثم فيه ـ جماعة كالطحاوي في « مشكل الحديث » والبيهقي في «السنن » والنقاش والجوزجاني في ما صنّفا من الموضوعات(9) .
أقول :
هب أنّ ابن عساكر روى هذا الخبر الموضوع في كتابه « تاريخ دمشق » فإنّ هذا الكتاب فيه موضوعات كثيرة ، كما نصّ عليه ابن تيميّة(10) وغيره ، فما بال السيوطي ومن تبعه يذكرونه بتفسير القرآن الكريم وبيان المراد من آية من كلام الله الحكيم ؟!!

(1) تاريخ مدينة دمشق ـ ترجمة عثمان بن عفّان ـ 39 : 177 .
(2) الدرّ المنثور 2 : 233 .
(3) فتح القدير 1 : 348 .
(4) روح المعاني 4 : 190 .
(5) تفسير المراغي 3 : 175 .
(6) ذكرنا في بعض بحوثنا المنشورة نماذج من ذلك ، ويا حبذا لو تُجمع وتُنشر في رسالة مفردة ، والله الموفق.
(7) الجرح والتعديل 4 : 52 .
(8) الجرح والتعديل 9 : 85 .
(9) لسان الميزان 6 : 209 .
(10) منهاج السنّة 4 : 40 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *