6 ـ المشابهات بين الشّيعة وبين اليهود والنّصارى

6 ـ المشابهات بين الشّيعة وبين اليهود والنّصارى
وشبّه ابن تيميّة الشّيعة باليهود والنصارى، في وجوه كثيرة زعمها!! تجد ذلك في كتابه في مواضع عديدة من أجزائه، نذكر هنا نصوص عباراته في بعضها:
«والإسلام مبني على أصلين: أن لا نعبد إلاّ الله، وأن نعبده بما شرع، لا ـ نعبده بالبدع. فالنصارى خرجوا عن الأصلين، وكذلك المبتدعون من هذه الاُمّة من الرافضة وغيرهم.
وأيضاً، فإنَّ النصارى يزعمون أن الحواريّين الذين اتّبعوا المسيح أفضل من إبراهيم وموسى وغيرهما من الأنبياء والمرسلين… والرافضة تجعل الأئمة الاثني عشر أفضل من السّابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وغاليتهم يقولون: إنهم أفضل من الأنبياء، لأنهم يعتقدون فيهم الإلهيّة كما اعتقدته النصارى في المسيح.
والنصارى يقولون: إنّ الدين مسلَّم للأحبار والرهبان، فالحلال ما حلّلوه والحرام ما حرّموه، والدّين ما شرّعوه. والرافضة تزعم أنّ الدين مسلَّم إلى الأئمة، فالحلال ما حلّلوه والحرام ما حرّموه والدّين ما شرّعوه.
وأمّا من دخل في غلوّ الشيعة كالإسماعيليّة، الذين يقولون بإلهيّة الحاكم ونحوه من أئمتهم ويقولون: إنّ محمّد بن إسماعيل نسخ شريعة محمّد بن عبدالله، وغير ذلك من المقالات التي هي من مقالات الغالية من الرافضة، فهؤلاء شرّ من أكثر الكفار من اليهود والنصارى والمشركين، وهم ينتسبون إلى الشيعة يتظاهرون بمذاهبهم»(1).
أقول:
لا ريب أنّ مراده من «الرافضة» في هذا الكلام هم «الاثنا عشرية»، لأنّ من عقيدة الشيعة الاثني عشرية أنّ الأئمة الاثني عشر أفضل من جميع أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولهم على ذلك أدلّة وبراهين من الكتاب والسنّة وغيرهما، ذكر العلاّمة طرفاً منها في كتاب (منهاج الكرامة). وأين هذا من تفضيل النصارى ـ إن صحّ عنهم ـ الحواريين على الأنبياء والمرسلين، ولا سيّما إبراهيم وموسى وغيرهما من أولي العزم؟!
بل إنهم يقولون «إنهم أفضل من الأنبياء» وهذا ليس بغلوّ، وإنّما للأدلّة المقتضية ذلك، ولا «لأنهم يعتقدون فيهم الإلهيّة كما اعتقدته النصارى في المسيح» لأنّ الإمامية الاثني عشرية لا يعتقدون في الأئمّة الإلهيّة، وابن تيميّة يعلم بذلك ولا ـ ينكره.
* وقال ابن تيميّة في جواب قول العلاّمة: «فبعضهم طلب الأمر لنفسه بغيرحق، وبايعه أكثر الناس طلباً للدنيا» قال: «أهل السنّة مع الرافضة كالمسلمين مع النصارى، فإنّ المسلمين يؤمنون بأنّ المسيح عبد الله ورسوله ولا ـ يغلون فيه غلوّ النصارى ولا يجفون جفاء اليهود، والنصارى تدّعي فيه الإلهيّة وتريد أن تفضّله على محمّد وإبراهيم وموسى، بل تفضّل الحواريين على هؤلاء الرسل، كما تريد الروافض أن تفضّل من قاتل مع علي كمحمّد بن أبي بكر والأشتر النخعي على أبي بكر وعمر وعثمان، وجمهور الصحابة من المهاجرين والأنصار…
ولهذا كانت الرافضة من أجهل الناس وأضلّهم، كما أنّ النصارى من أجهل النّاس، والرّافضة من أخبث النّاس كما أنّ اليهود من أخبث الناس، ففيهم نوع من ضلال النصارى ونوع من خبث اليهود»(2).
* وقال في مبحث عصمة الأنبياء، وهو قول الإمامية الاثني عشرية: «وهم قصدوا تعظيم الأنبياء بجهل، كما قصدت النصارى تعظيم المسيح وأحبارهم ورهبانهم بجهل، فأشركوا بهم واتّخذوهم أرباباً من دون الله، وأعرضوا عن اتّباعهم فيما أمروهم به ونهوهم عنه. وكذلك الغلاة في العصمة، يعرضون عمّا اُمروا به من طاعة أمرهم والإقتداء بأفعالهم، إلى ما نهوا عنه من الغلوّ والإشراك بهم، فيتّخذونهم أرباباً من دون الله، يستغيثون بهم في مغيبهم وبعد مماتهم وعند قبورهم، ويدخلون فيما حرّمه الله تعالى ورسوله من العبادات الشركية التي ضاهوا بها النصارى…»(3) ثم عرّج على زيارة القبور وبناء المشاهد… كما ذكرنا في محلّه.
* وقال في عصمة الأئمة: «وأما عصمة الأئمة، فلم يقل بها إلاّ ـ كما قال ـ الإمامية والإسماعيلية، وناهيك بقول لم يوافقهم عليه إلاّ الملاحدة المنافقون الذين شيوخهم الكبار أكفر من اليهود والنصارى والمشركين.
وهذا دأب الرافضة، دائماً يتجاوزون عن جماعة المسلمين إلى اليهود والنصارى والمشركين في الأقوال والموالاة والمعاونة والقتال وغير ذلك، فهل يوجد أضلّ من قوم يعادون السّابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار، ويوالون الكفار والمنافقين، وقد قال الله… فهذه الآيات نزلت في المنافقين، وليس المنافقون في طائفة أكثر منهم في الرافضة، حتى أنه ليس في الروافض إلاّ من فيه شعبة من شعب النّفاق»(4).
* وقال في الجواب عن قول العلاّمة: «إن عائشة كانت في كلّ وقت تأمر بقتل عثمان…» قال: «ما ظهر من عائشة وجمهور الصحابة وجمهور المسلمين من الملام لعلي!! أعظم ممّا ظهر منهم من الملام لعثمان!!… نحن لسنا ندّعي لواحدمن هؤلاء العصمة من كلّ ذنب.. ونقول: إنّ الذنوب جائزة على من هو أفضل منهم من الصدّيقين ومن هو أكبر من الصدّيقين(5)!! ولكنّ الذنوب يرفع عقابها بالتوبة والإستغفار…
والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل(6)!!
* وقال: «فالشيعة القائلون بالإمام المعصوم ونحوهم من أبعد الطوائف عن اتّباع هذا المعصوم… ولهذا كانوا يشبهون اليهود في أحوال كثيرة… ولابدّ لهم من نسبة إلى الإسلام يظهرون بها خلاف ما في قلوبهم»(7).
* وقال في العناية بالحديث: «والرافضة أقلّ معرفة وعناية بهذا… وهم في ذلك شبه باليهود والنصارى، فإنه ليس لهم إسناد، والإسناد من خصائص هذه الاُمّة، وهو من خصائص الإسلام، ثم هو في الإسلام من خصائص أهل السنّة…»(8).
* وقال في الكلام على آية المباهلة: « فقد تبيّن أن الآية لا دلالة فيها أصلا على مطلوب الرافضي، لكنه وأمثاله ممن في قلبه زيغ، كالنصارى، الذين يتعلّقون بالألفاظ المجملة، ويدعون النصوص الصريحة»(9).
* وقال: «والنصارى يكثر فيهم المفترون للكذب على الله، واليهود يكثر فيهم المكذّبون بالحق… وهذا وإن كان يوجد في عامّة الطوائف شيء منه، فليس في الطوائف أدخل في ذلك من الرافضة، فإنّها أعظم الطوائف كذباً على الله وعلى رسوله، وعلى الصحابة وعلى ذوي القربى، وكذلك هم من أعظم الطوائف تكذيباً بالصدق، فيكذبون بالصّدق الثابت المعلوم من المنقول الصحيح والمعقول الصريح»(10).
* وقال: «وأيضاً: فالإسلام عند الإماميّة هو ما هم عليه، وهم أذلّ فرق الامّة، فليس في أهل الأهواء أذلّ من الرافضة ولا أكتم لقوله منهم، ولا أكثر استعمالا للتقيّة منهم، وهم على زعمهم شيعة الاثني عشر، وهم في غاية الذلّ، فأيّ عزّ للإسلام بهؤلاء الاثني عشر على زعمهم؟! وكثير من اليهود إذا أسلم يتشيّع، لأنه رأى في التوراة ذكر الاثني عشر، فظنّ أن هؤلاء هم أولئك، وليس الأمر كذلك، بل الاثنا عشر هم الذين ولّوا على الامّة من قريش ولايةً عامّة، فكان الإسلام في زمنهم عزيزاً، وهذا معروف»(11).

(1) منهاج السنة 1/481ـ482.
(2) منهاج السنة 2/55، 65.
(3) منهاج السنة 2/435.
(4) منهاج السنة 3/374ـ375.
(5) ومن هو «الأكبر من الصديقين» غير الأنبياء؟ أليس هذا الكلام ظاهراً في تجويز الذنوب والمعاصي على الأنبياء والمرسلين؟!
(6) يلاحظ: أنّه عندما يصل البحث إلى أنّ عائشة كانت تأمر بقتل عثمان يقول: « الكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل لا بجهل وظلم» كأنّ الإمامية الاثني عشرية ليسوا من «النّاس»؟
(7) منهاج السنة 6/417.
(8) منهاج السنة 7/37.
(9) منهاج السنة 7/128.
(10) منهاج السنة 7/193.
(11) منهاج السنة 8/242.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *