كون الحسن العسكري عالماً زاهداً، روت عنه العامّة كثيراً، كذب

كون الحسن العسكري عالماً زاهداً… روت عنه العامة كثيراً
من الدعاوى المجردة والأكاذيب البيّنة
وقال العلاّمة: «وكان ولده الحسن العسكري عالماً زاهداً فاضلا عابداً أفضل أهل زمانه، وروت عنه العامّة كثيراً».
فقال ابن تيمية: «فهذا من نمط ما قبله، من الدعاوى المجرّدة والأكاذيب البيّنة، فإنّ العلماء المعروفين بالرّواية الذين كانوا في زمن هذا الحسن بن علي العسكري ليست لهم عنه رواية مشهورة في كتب أهل العلم، وشيوخ أهل الكتب الستة: البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، كانوا موجودين في ذلك الزمان وقريباً منه، قبله وبعده… فليس في هؤلاء من روى عن الحسن…»(1).
أقول:
من الواضح أنّ عدم رواية هؤلاء أو غيرهم عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام لا ينفي كونه عليه السلام أفضل أهل زمانه. هذا أولا.
وثانياً: عدم إخراجهم له في كتبهم لا يثبت عدم روايتهم وعدم أخذهم منه، فكم من حديث سمعوه ورووه ولم يكتبوه.
وثالثاً: قد كان ابن ماجة من الرواة عن الإمام الرضا عليه السّلام، حيث أخرج عنه في كتابه ـ الذي يعدّ أحد الكتب الستّة ـ ومع ذلك نصّ ابن تيمية على عدم رواية له عليه السلام في الكتب الستّة.
ورابعاً: لقد قال ابن تيميّة في مقام تكذيب خبر شقيق البلخي مع الإمام الكاظم عليه السلام ـ ما نصّه: «أمّا الحكاية المذكورة عن شقيق البلخي فكذب، فإنّ هذه الحكاية تخالف المعروف من حال موسى بن جعفر، وموسى كان مقيماً بالمدينة بعد موت أبيه جعفر، وجعفر مات سنة ثمان وأربعين، ولم يكن قد جاء إذ ذاك إلى العراق…».
فنقول: إن الإمام الحسن العسكري عليه السلام كان مقيماً بالمدينة، ثم أُتي به من المدينة إلى العراق، وأسكن في العسكر بسامرّاء، وأصحاب الكتب الستّة لم يكونوا مقيمين لا بالمدينة ولا بسامراء، فإن لم يكونوا أخذوا عنه، فهذا هو السبب.
وخامساً: إن السبب في عدم اشتهار الرواية عن الإمام الحسن العسكري هو قصر مدّته عليه السلام، وأنه قد قضى عمره الشريف تحت الحراسة الشديدة وبعيداً عن الناس…
ومع ذلك كلّه فقد «روت عنه العامّة كثيراً».
وراجع (الشرح)… ففيه التفصيل.

(1) منهاج السنة 4/85ـ86.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *