حديث أمره بقتال الناكثين والقاسطين، موضوع

8 ـ حديث أمره بقتال الناكثين والقاسطين… موضوع
وتلخّص:
إن حربه مع طلحة والزبير وعائشة، ومع معاوية وأصحابه… كانت رأياً رآه، لكي يطاع هو، خطّأه فيه الصحابة والتابعون وغيرهم، حتى من كان معه، حتّى ولده الحسن…
ثم إنّه ندم على ذلك، ولو كان لا يجهل العواقب لما فَعَل!!
فإن قلت: ففي كتب الفريقين أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كان قد أخبره بما يكون وأمره بالقتال؟
قال ابن تيمية: الحديث موضوع: «لم يرو علي ـ رضي الله عنه ـ في قتال الجمل وصفين شيئاً، كما رواه في قتال الخوارج،… وأمّا قتال الجمل وصفين فلم يرو أحد منهم فيه نصّاً إلاّ القاعدون، فإنهم رووا الأحاديث في ترك القتال في الفتنة.
وأمّا الحديث الذي يروى أنه أمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين، فهو حديث موضوع على النبي صلّى الله عليه وسلّم»(1).
أقول:
هذا الحديث رواه عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أميرالمؤمنين عليه السلام وجماعة من أعلام الصحابة، منهم: أبو أيوب الأنصاري، وعبد الله بن مسعود، وأبو سعيد الخدري، وعمّار بن ياسر…
ومن الأئمة والحفاظ الذين رووه عن هؤلاء الأصحاب وغيرهم:
1 ـ محمّد بن جرير الطبري.
2 ـ أبو بكر البزار.
3 ـ أبو يعلى الموصلي.
4 ـ ابن مردويه.
5 ـ أبو القاسم الطبراني.
6 ـ الحاكم النيسابوري.
7 ـ الخطيب البغدادي.
8 ـ إبن عساكر الدمشقي.
9 ـ إبن الأثير الجزري.
10 ـ جلال الدين السيوطي.
11 ـ ابن كثير الشامي.
12 ـ المحب الطبري.
13 ـ أبو بكر الهيثمي.
14 ـ المتقي الهندي.
ونحن نذكر هنا بعض الأسانيد المعتبرة لهذا الحديث:
* أخرج الحافظ أبو بكر الهيثمي في (باب ما كان بينهم يوم صفين): «عن علي قال: عهد إليَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
وفي رواية: أمرت بقتال الناكثين. فذكره.
رواه البزّار والطبراني في الأوسط. وأحد إسنادي البزّار رجاله رجال الصحيح، غير الرّبيع بن سعيد ووثّقه ابن حبان»(2).
* قال: «وعن أبي سعيد عقيصا قال: سمعت عمّاراً ـ ونحن نريد صفّين ـ يقول: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
رواه الطبراني. وأبو سعيد متروك»(3).
قلت: ليس متروكاً، فقد أخرج الحاكم والذهبي بإسنادهما حديث: «علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض» فقالا: «هذا حديث صحيح الإسناد، وأبو سعيد التيمي هو عقيصاء ثقة مأمون»(4).
* قال: «وعن قيس بن أبي حازم قال قال علي: إنفروا إلى بقيّة الأحزاب، إنفروا بنا إلى ما قال الله ورسوله، إنا نقول: صدق الله ورسوله، ويقولون: كذب
الله ورسوله.
رواه البزّار بإسنادين، في أحدهما يونس بن أرقم، وهو لين. وفي الآخر السيد بن عيسى قال الأزدي: ليس بذاك. وبقيّة رجالهما ثقات»(5).
قلت: أمّا «يونس بن أرقم» فيكفي أنّا لم نجد له جرحاً، وإنّما ليّنه ابن خراش فقط، بل إنّ أبا حاتم الرازي ـ على تعنّته في الرجال كما وصفه الذهبي بترجمته في سير أعلام النبلاء ـ لم يقدح فيه(6)، بل وثّقه ابن حبّان(7)، نعم، قال: «كان يتشيّع» ولعلّه السبب في تليين ابن خراش، لكن قد نصّ ابن حجر على عدم الإلتفات إليه(8).
فظهر صحّة السند الأول.
وأمّا «السيد بن عيسى» فلم يتكلّم فيه إلاّ «الأزدي» وقد نصّ الذهبي على أنّه لا يلتفت إلى قول الأزدي(9) وقال ابن حجر: «لا يعتبر تجريحه لضعفه هو»(10).
ثم إن ابن حجر ينصّ على أن ابن حبان ذكر «السيد بن عيسى» في الثقات(11).
فظهر صحة السند الثاني أيضاً.
* قال: «وعن زيد بن وهب قال: بينا نحن حول حذيفة إذ قال: كيف أنتم وقد خرج أهل بيت نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم فرقتين يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف؟ فقلنا: يا أبا عبدالله، وإنّ ذلك لكائن؟ فقال بعض أصحابه: يا أبا عبدالله، فكيف نصنع إن أدركنا ذلك الزمان؟ قال: انظروا الفرقة التي تدعوا إلى أمر علي فالزموها فإنّها على الهدى.
رواه البزّار ورجاله ثقات»(12).
أقول:
ونشير هنا إلى قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعائشة في قضيّة «كلاب الحوأب» وقوله للزبير بأنّه سيقاتل علياً وهو له «ظالم» وقوله لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية»… فلتراجع المصادر.

(1) منهاج السنة 6/112.
(2) مجمع الزوائد ـ كتاب الفتن، باب فيما كان بينهم يوم صفين ـ 7/238.
(3) مجمع الزوائد ـ كتاب الفتن، باب فيما كان بينهم يوم صفين ـ 7/238ـ239.
(4) المستدرك على الصحيحين ـ كتاب معرفة الصحابة، مناقب علي بن أبي طالب، الحديث 4628، 3/134 وتلخيصه 4/94.
(5) مجمع الزوائد ـ كتاب الفتن، باب فيما كان بينهم يوم صفين رضي الله عنهم 7/239.
(6) الجرح والتعديل الترجمة 994، يونس بن أرقم الكندي البصري 9/236.
(7) لسان الميزان الترجمة 9501 يونس بن أرقم 7/553.
(8) مقدمة فتح الباري الفصل التاسع، حرف العين: 431.
(9) ميزان الاعتدال ـ حرف الألف، الترجمة 190 إبراهيم بن محمد بن يوسف بن سرج 1/61.
(10) مقدمة فتح الباري ـ الفصل التاسع، حرف العين: 430.
(11) لسان الميزان ـ الترجمة 4068، السيد بن عيسى الكوفي ـ 3/461.
(12) مجمع الزوائد ـ كتاب الفتن، باب فيما كان في الجمل وصفين وغيرهما 7/236.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *