الترتب ببيان المحقق الإصفهاني و الكلام حوله

الترتب ببيان المحقق الإصفهاني
وقد ذكر تحت عنوان ( والتحقيق الحقيق بالتصديق )(1) مقدمتين:
إحداهما: إن ثبوت المقتضيين للضدّين جائز، وإنما المحال وجود الضدّين، بل يجب تحقق المقتضيين لهما، فلو فرض عدم المقتضي لأحدهما لم تصل النوبة في عدم الضدّ إلى وجود الضدّ الآخر ومانعيّته له… مضافاً: إلى أن ذلك كذلك في الوجدان، إذ الشيء الواحد يمكن أن تتعلّق به إرادة زيد وإرادة عمرو في وقت واحد، والجسم الواحد يصلح لأن يكون لونه أسود أو أبيض….
وعلى الجملة، فإنه لا تمانع بين المقتضيين، بل هو بين مقتضى هذا وذاك.
الثانية: إن النسبة بين الأمر وإطاعته هي نسبة المقتضي إلى المقتضى، لا العلّة إلى المعلول، لأنه لو كان من قبيل العلّة والمعلول لكان منافياً للاختيار، والحال أن اختيار المكلّف محفوظ، وأمر المولى إنما هو جعلٌ لما يمكن أن يكون داعياً ومحرّكاً للمكلّف نحو الامتثال، ولذا تتوقّف فعليّة الامتثال وتحقّقه على خلّو نفس العبد من موانع العبوديّة.
وبعد المقدمتين:
فإن أمر المولى بأمرين، ولم يكن لأحدهما قيد، تحقّق المقتضي التامّ للفعليّة لإيجاد الدّاعي في نفس العبد، فإذا كان العبد مستعدّاً للامتثال صلح كلّ من الأمرين لأن يصل إلى مرحلة الفعليّة، وحينئذ، تقع المطاردة بينهما… أمّا لو كان أحد الأمرين غير مطلق. بل على تقدير، ـ والمقصود هو التقدير في مرحلة الاقتضاء لا مرحلة الفعليّة ـ فيكون الأمر بالمهم مقدّراً ومقيّداً بسقوط الأمر بالأهم عن المؤثّرية، بمعنى أن أصل الإنشاء بداعي جعل الدّاعي في طرف المهم مقيّد بأن لا يكون الأمر بالأهم مؤثّراً، وحينئذ، يكون الإقتضاء في أحد الأمرين معلّقاً، وعلى هذا تستحيل المطاردة بينهما، لأن اقتضاء الأمر بالأهم تنجيزي واقتضاء الأمر بالمهم تعليقي… ففي حال تحقّق الأمر بالمهم يكون الأمر بالأهم منطرداً مطروداً، فلا تصل النوبة لأن يكون الأمر بالمهم طارداً له.
أقول:
إن هذا الوجه هو عين الوجه الذي ذكره المحقق العراقي، وقد عرفت ما فيه، فالصحيح ما ذهب إليه الميرزا.

(1) نهاية الدراية 2 / 241.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *