الأصل فيها هو المحقق الإصفهاني

قال الأُستاذ
إنّه لمّا كان الأصل في هذا التحقيق هو المحقّق الاصفهاني، فالأولى التعرّض لكلامه، فإنّه قال في ( نهاية الدراية )(1) ما حاصله: إنّ المقصود من « المقدّمة » في كلمات القوم لا يخلو عن أحد وجوه ثلاثة:
أحدها: أن يكون المراد ما كان عدمه مستلزماً لعدم ذي المقدّمة، فيكون وجودها متعلّقاً للغرض.
والثاني: أن يكون الغرض منها ترتّب إمكان ذي المقدّمة على وجودها.
والثالث: إنّ الغرض هو التمكّن من ذي المقدّمة.
( قال ): والإحتمالات كلّها مردودة:
أمّا استلزام عدم المقدّمة لعدم ذيها، ففيه: إنّ الأمر العدمي لا يمكن أن يكون غرضاً للوجود، بل الأمر العدمي من لوازم الغرض، ولازم الغرض غير الغرض، فلا يصحّ القول بأنّ الغرض من المقدّمة أن لا يلزم من عدمها عدم ذي المقدّمة.
وأمّا أنّ الغرض من المقدّمة إمكان ذي المقدّمة، ففيه: إنّ الإمكان إمّا ذاتي وإمّا وقوعي وإمّا استعدادي. أمّا الإمكان الذاتي الثابت لذي المقدّمة، فإنّه لا يتوقّف على وجود المقدّمة، لأنّه استواء نسبة الماهيّة إلى الوجود والعدم، وهذا المعنى حاصل لذي المقدّمة بلا توقّف على المقدّمة.
وأمّا الإمكان الوقوعي، أي ما لا يلزم من وجوده محال، فهذا أيضاً حاصل لذي المقدّمة بلا توقّف على وجودها.
وأمّا الإمكان الإستعدادي لذي المقدّمة، فهو منوط بالقدرة، فإنْ وجدت عند الإنسان تمكّن وإلاّ فلا… على أنّ القدرة والقوّة على الفعل مقدّمة لوجوبه لا لوجوده، وكلامنا في المقدّمة الوجوديّة.
وأمّا أنّ الغرض هو التمكّن من ذي المقدّمة، بأن يكون التمكّن منه موقوفاً على وجودها، فهذا أيضاً مردود، لأن المراد من التمكّن ـ سواء كان العقلي أو العرفي ـ هو القدرة على ذي المقدّمة، لكنّ القدرة عليه موقوفة على التمكّن من المقدّمة لا على وجودها.
وإذا بطلت الإحتمالات، بطل القول بأنّ الغرض من المقدّمة هو التمكّن من ذي المقدّمة.
تحقيق الأُستاذ
قال الأُستاذ: إنّ المهمّ في كلمات الكفاية قوله بأنّ الغرض من المقدّمة هو التوقّف والمقدميّة، ومن الواضح أنّ هذا غير التمكّن من ذي المقدّمة، كي يرد عليه اشكال المحاضرات من أنّ التمكّن منه أثر التمكّن من المقدّمة وليس بأثر لوجودها… كما أنّ التوقّف ليس بأمر عدمي، كي يرد عليه إشكال المحقّق الإصفهاني… وتوضيح مراد المحقّق الخراساني من « المقدميّة » هو أنّ المقدّمة لها دخل في وجود ذي المقدّمة دخل المقتضي في المقتضى أو دخل الشرط بالنسبة إلى المشروط. فالمقدّمة إمّا مقتض أو شرط، ومن الواضح: إنّ الإقتضاء والشرطيّة من خواصّ وجود المقتضي ووجود الشرط، فإذا فقد فلا اقتضاء. ثمّ إنّ الاقتضاء أثر لمطلق وجود المقتضي والشرط، لا خصوص الشرط أو المقتضي الفعليين.
فظهر عدم ورود شيء ممّا ذكر على المحقّق الخراساني، فهو يرى أنّ المراد من المقدّمة هو الإقتضاء، وهو يتحقّق بنفس وجودها ـ لا أنّه الإقتضاء الفعلي المنتهي إلى حصول ذي المقدّمة كما يقول صاحب الفصول ـ غير أنّ حصول كلّ واحدة من المقدمات تغلق أحد أبواب عدم ذي المقدّمة، وإذا حصلت المقدّمات كلّها أوصلت إلى ذي المقدّمة.
وتلخّص: تماميّة مبنى الكفاية ثبوتاً.

(1) نهاية الدراية 2 / 137.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *