رأي المحقق الخراساني

رأي المحقق الخراساني
وذهب المحقق الخراساني إلى الجواز مطلقاً، وحاصل كلامه(1):
تارةً: يكون الغرض قائماً بالأقل بحدّه، وبالأكثر بحدّه، بحيث يكون للحدّ دخلٌ في الغرض. فهنا لا محيص عن القول بالتخيير.
وأُخرى: يكون الغرض قائماً بذات الأقل بلا دخل للحدّ فيه، وكذا في الأكثر. فهنا لا يعقل التخيير.
ففي التسبيحات ـ مثلاً ـ إن كان الغرض الواحد قائماً بالأقل وبالأكثر بحدّهما، كانت التسبيحة الواحدة حاملةً للغرض كالتسبيحات الثلاث، فلو أوجب الأقلّ دون الأكثر لزم الترجيح بلا مرجّح، فلا محالة يكون المكلّف مخيّراً ـ بحكم العقل ـ بين الإتيان بالأقل أو الأكثر، لأنّ المفروض كون الواجب هو الجامع بينهما، وكلّ منهما مصداق له بلا فرق.
أمّا لو تعدّد الغرض، وكان كلٌّ منهما حاملاً لغرض غير الغرض من الآخر ولا يمكن الجمع بينهما، كان التخيير شرعيّاً، إذ يكون كلٌّ منهما واجباً مع جواز تركه إلى البدل، كما تقدّم في المتباينين.
فإن قلت: هذا إنما يتمّ في الدفعي، لكون كلٍّ من الأقل والأكثر طرفاً فيتحقق التخيير، وأمّا مع الحصول بالتدريج، بأن يوجد الأقل ويصير كثيراً حتى يصل إلى الأكثر فلا، لحصول الامتثال بالأقل.
فأجاب: بعدم الفرق، لإمكان ترتب الغرض على التسبيحة بقيد الوحدة وعليها بقيد الثلاثة، وإذا كان كلّ منهما حاملاً للغرض، كان تعيين الأقل منهما ترجيحاً بلا مرجّح.
قال الأُستاذ:
ومحصّل كلامه هو: إن جميع موارد التخيير بين الأقل والأكثر ـ حيث يكون كلّ منهما مقيّداً بحدّه ـ ترجع إلى التخيير بين المتباينين، من قبيل التباين بين البشرط لامع البشرط شيء… وعلى هذا الأساس قال بالتخيير.
لكنّ هذا خلاف الفرض في مسألة دوران الأمر بين الأقل والأكثر، إذ يكون الأقل موجوداً في ضمن الأكثر، فليس المراد من الأقل هو البشرط لا عن الأكثر… حتى يرجع الحال إلى ما ذكره.
فما أفاده ليس حلاًّ للإشكال ورافعاً للمحذور المزبور سابقاً.
المختار
فالمختار في محلّ الكلام هو القول الثاني، أي استحالة التخيير.
والعجب من السيّد الاستاذ أنه بعد ذكر محصَّل ما جاء في الكفاية قال ما نصه: « وبه يصحّح التخيير بين الأقل والأكثر وإنْ كانت النتيجة إرجاعه إلى التخيير بين المتباينين، لإرجاعه إلى التخيير بين المأخوذ بشرط لا والمأخوذ بشرط شيء. فهو تصحيح للتخيير بين الأقل والاكثر بتخريجه على التخيير بين المتباينين، لا التزام بالتخيير بين الأقل والاكثر »(2) فتدبر.

(1) كفاية الأُصول: 142.
(2) منتقى الأُصول 2 / 496.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *