كلام الكفاية

كلام الكفاية:
« إذا نسخ الوجوب، فلا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ على بقاء الجواز بالمعنى الأعم ولا بالمعنى الأخص، كما لا دلالة لهما على ثبوت غيره من الأحكام.
ضرورة أنّ ثبوت كلّ واحد من الأحكام الأربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب واقعاً ممكن، ولا دلالة لواحد من دليلي الناسخ والمنسوخ ـ بإحدى الدلالات ـ على تعيين واحد منها، كما هو أوضح من أن يخفى، فلابدّ للتعيين من دليل آخر »(1).
أقول:
للبحث أمثلة كثيرة، منها: قوله عزّ وجلّ: ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ )حيث قيل إنّ الآية منسوخة بقوله عز وجل ( لا إكراهَ في الدِّين ). فهل يبقى جواز القتل بعد زوال الوجوب أو لا ؟ فههنا مقامات، أحدها: بقاء الجواز ثبوتاً، والثاني: الجواز إثباتاً، والثالث: في مقتضى الأُصول في المسألة….
وقد أشار المحقق الخراساني في كلامه المزبور إلى أنّ للجواز معنيين، أحدهما: الجواز بالمعنى الأعمّ، وهو ما يجتمع مع الوجوب والاستحباب والإباحة، والآخر: الجواز بالمعنى الأخص، وهو الإباحة. ولفظ « البقاء » يقتضي أن يكون المراد من « الجواز » هو المعنى الأعم لا الأخص.
فما ذكره المحقق المذكور من عدم الدلالة على بقاء الجواز، لا بالمعنى الأعم ولا بالأخص، مخدوش، لأن الجواز بالمعنى الأخص ليس بقائيّاً أصلاً بل هو حدوثي.

(1) كفاية الأُصول: 140.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *