الإشكال الثبوتي ببيان الميرزا

الإشكال الثبوتي ببيان الميرزا
قال(1) رحمه الله ، ما ملخّصه : إمّا أنْ نقول ببساطة المشتق أو نقول بتركّبه .
أمّا على الأول ، فلا يمكن الوضع للأعم ، لأنّ معنى بساطة المشتق أنْ يكون الموضوع له اللّفظ نفس المبدء فقط ، مع لحاظه بنحو اللاّبشرط ، أي : حالكونه قابلا للحمل على الذات والاتّحاد معها ، وهو اسم الفاعل واسم المفعول ونحوهما … لا بنحو البشرط لا ، الذي لا يقبل الحمل والاتّحاد مع الذات ، وهو المصدر واسم المصدر … كالبياض مثلا إذا لوحظ وجوداً في قبال وجود الذات ، فإنّه حينئذ لا يحمل عليها ، فلا يقال : الجدار البياض ، بخلاف ما إذا لوحظ مرتبةً من وجود الجدار ، فيحمل عليه ويتّحد معه ويقال : الجدار أبيض .
وعلى الجملة ، فإنّ القول ببساطة المشتق مع لحاظه لا بشرط ، معناه أن مدلول العالم مثلا ليس إلاّ العلم فقط ، وأن الذات غير مأخوذة فيه أصلا ، فليس هناك من يتلبَّس بالعلم أو ينقضي عنه التلبّس ، بل المدلول هو مبدء العلم ، وأمره دائر بين الوجود والعدم .
وعليه ، فاللّفظ موضوع للمتلبّس ، ويستحيل أن يكون موضوعاً لما انقضى عنه التلبّس ، فيصير وضع المشتقات كوضع الجوامد ، فإذا زال المبدء لم يبق شيء ، كما لو زالت الإنسانية فلا شيء يصدق عليه عنوان الإنسان ، بل المشتق أسوء حالا ، لبقاء المادّة بعد زوال الصّورة النوعيّة في الإنسان ، وعدم بقاء شيء بعد زوال المبدء في المشتق ، كما تقدّم .
وبما أنّ الحق عند المحقق النائيني هو بساطة المشتق ، فوضع المشتق للأعمّ غير ممكن ثبوتاً .
وأمّا على الثاني ، بأنْ يقال بتركّب المشتقّ من المبدء والذات المبهمة من جميع الجهات إلاّ اتّصافها بالمبدء ، فكذلك ، لعدم إمكان تصوير الجامع بين المتلبّس وما انقضى عنه التلبّس غير الزمان ، ولولا أخذه في المشتق لم يتحقّق الإنقضاء ، لكنْ قد تقرّر ـ كما تقدّم ـ أنّ الزمان غير مأخوذ في المشتقات ، ولو فرض اشتمال الهيئة على الزمان في الأفعال ، فلا ريب في عدم أخذه في أسماء الأفعال والمفاعيل .
هذا ، ولا ينتقض هذا الذي ذكره هنا بما تقدّم عنه في مدلول هيئة الفعل الماضي من أنه النسبة التحقّقيّة ، وأنّ هذه النسبة تجمع بين المتلبس وما انقضى ، فلتكن هي الجامع بين جميع المشتقات . ووجه عدم ورود النقض هو أنه رحمه الله يرى التلازم بين هذه النسبة مع الزمان الماضي في الزمانيّات ، فلا معنى لوجودها في اسم الفاعل واسم المفعول ونحوهما .
فظهر عدم إمكان الوضع للأعم ثبوتاً على كلا التقديرين .

(1) أجود التقريرات 1/112 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *