1 ـ مقام الثبوت

1 ـ مقام الثبوت
والإيراد عليه في مقام الثبوت من وجوه :
( الوجه الأول ) إنه لا ريب في أنّ أمر الأجزاء واختيارها في المركّب الإعتباري هو بيد المعتبر ، فهو الذي يجعل الامور المعيّنة أجزاءً للمركّب ومنها يتحقق ما اعتبره ، لكنّ النقطة المهمّة هي أنه بعد ما جعل الشيء جزءً لمركّبه انطبق عليه قانون الكليّة والجزئيّة ، وهو انعدام الكلّ بانعدام الجزء ، وليس هذا القانون بيد المعتبر ولا يمكنه التصرف فيه ، بأنْ يجعله جزءً لكنْ لا ينعدم الكلّ بانعدامه ، وعليه ، فإذا كانت القراءة في ظرف وجودها جزءً مقوّماً لحقيقة الصّلاة ، فكيف تبقى حقيقة الصّلاة محفوظة في ظرف انعدام القراءة ؟
( الوجه الثاني ) إن المراد من كون الأركان لا بشرط بالنسبة إلى الزائد هو اللاّبشرط القسمي ـ لا المقسمي ـ بأنْ يلحظ وجود القراءة وعدمها ولا يؤخذ شيء منهما في حقيقة الصّلاة ، فنقول : إن قانون اللاّبشرط هو اجتماعه مع الشرط ، لكنْ يستحيل دخول الشرط في اللاّبشرط ، فالرّقبة إن كانت لا بشرط بالنسبة إلى الإيمان والكفر ، فهي تجتمع مع الإيمان لكن يستحيل تقوّمها بالإيمان ، وعليه : فإذا كانت الأركان لا بشرط بالنسبة إلى ما زاد عليها من جهة حقيقة الصّلاة ، استحال دخول الزائد في حقيقتها في ظرف وجوده ، وكان لازمه أن يصدق الصّلاة على مجموع الأركان والزائد عليها صِدقاً مجازيّاً ، مع أنّ المدّعى كونه حقيقيّاً ، كصدقه على الأركان فقط .
( الوجه الثالث ) لا ريب في أنّ كون الشيء جزءً للمعنى بشرط عدم الشيء ، غير معقول ، وكونه جزءً له لا بشرط من الوجود والعدم خلف الفرض ، ـ لأنه افترض كونه جزءً عند الوجود وخارجاً عند العدم ـ إذنْ ، كون القراءة جزءً للصّلاة ومقوّماً لحقيقتها ينحصر بحال وجودها ، فوجودها قد اُخذ في معنى الصلاة الموضوع له هذا اللّفظ ، وهذا يخالف ما تقرّر من أن الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعيّة وذوات الأشياء ، من غير دخل للوجود والعدم . فما ذكر من كون القراءة جزءً للصلاة إذا وجدت وغير جزء إذا انعدمت ، يخالف القانون المذكور ، مضافاً إلى استحالته من جهة أنّ الموجود لا يقبل الوجود الإدراكي .
( الوجه الرابع ) قد وقع البحث بين الأعلام في أن التخيير بين الأقل والأكثر معقول أو لا ؟ ووجه القول الثاني هو : أنّ الأقل إن كان مبايناً لبّاً للأكثر فهو معقول ، كالتخيير بين الركعتين والأربع ، فإنه وإنْ كان بين الأقل والأكثر لكنّ القصر والإتمام متباينان في الواقع ، أمّا في غير هذه الصورة ، مثل التخيير في التسبيحات بين المرّة والثلاثة فغير معقول ، لأنه بمجرّد الإتيان بالمرّة تحقّق الإمتثال وحصل المأمور به الواجب ، لأن الإنطباق قهري ، ومعه يستحيل أن يكون الزائد على المرّة جزءً للمأمور به .
وعلى هذا المبنى يبطل كون الزائد عن الأركان جزءً .
وأيضاً : فإنّ حقيقة الصلاة لا يتحقّق دفعةً ، بل تدريجاً ، فإذا كبّر وركع وسجد ، فقد تحققت الأركان ، وبهذه الركعة تحقّقت الصلاة ، والمفروض كونها لا بشرط عن الزائد ، فيستحيل أن يكون الزائد جزءً … فالبرهان المذكور يجري في الواجب ، وفي المسمّى الموضوع له اللّفظ ، على حدّ سواء .
( الوجه الخامس ) إن الوجود ـ سواء الذهني أو الخارجي أو الإعتباري ـ يساوق التّعيين ، ولا يجتمع مع التردّد ، إن ذات الركوع غير اعتباري فهو متعيّن في ذاته ـ وإن كانت جزئيّته للصلاة اعتباريّة ـ فما معنى أنّ الجزء هو أحد مراتب الركوع على البدل ؟ إنّ « أحد الأمرين » إن كان المفهومي ، فهو معقول ، لكنه حينئذ جامع مفهومي من صناعة الذهن وليس بواقعي ، وإن كان المصداقي ، فهو غير قابل للوجود ، ولا ثالث في البين . فما ذكر ـ من أن الجامع بين المراتب هو الأحد على البدل ـ باطل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *