دور الحزب الأُموي و الخوارج في الكوفة

دور الحزب الأُموي و الخوارج في الكوفة

قد أوضحنا في ما تقدّم دور معاوية في استشهاد الإمام عليه السلام في العراق، وقد توصّلنا في دراستنا إلى أنّ معاوية بعد أن عزم على العهد لابنه يزيد، تمكّن من القضاء على سائر المعارضين، أو إسكات من تمكّن من إسكاته منهم، ببذل الأموال أو التهديد، فأزال العقبات حتّى لم يبق إلاّ الإمام الحسين سيّد الشهداء عليه السلام وعبداللّه بن الزبير، لكنّه كان عارفاً بالإمام وملكاته النفسيّة، ثمّ موقعيّته في المجتمع والأُسرة الهاشمية خاصّة…
على أنّه كان قد تعهّد أن لا يبغي للإمامين السبطين الحسن والحسين عليهما السلام سوءاً.
ولمّا اغتال الإمام السبط الأكبر ـ على يد جعدة بنت الأشعث ـ وشاع الخبر وافتُضح أمام المسلمين، فلم ير من مصلحته أن يتعرّض لأبي عبداللّه عليه السلام…
فقام بتدبير مؤامرة ضدّ الإمام عليه السلام، ونسّق مع أتباعه في الكوفة والخوارج المناوئين لأهل البيت عليهم السلام هناك، وأمر ولاته في البلاد أن يقوم كلٌّ منهم بالدور المناسب، فجعلوا يطاردون الإمام من داخل الحجاز، من المدينة إلى مكّة، ومن مكّة إلى العراق، في حين تدعوه كتب أهل الكوفة إلى التوجّه إليهم… فأرسل إليهم ـ أوّلا ـ ابن عمّه وثقته مسلم بن عقيل… وأمره بالستر والكتمان… وهنا لعب والي الكوفة دوره، حتّى انكشف أمر مسلم وشيعته… فخرجت وصيّة معاوية بتولية عبيداللّه بن زياد على الكوفة، فكان ما كان…
ثمّ جاء دور يزيد…
فطبّق الخطّة بجميع أطرافها… فقد رأينا كيف ولّى عبيداللّه بن زياد على الكوفة وأمره بقتل مسلم بن عقيل، ثمّ أمر بقتل الإمام عليه السلام بعد اتّخاذ الإجراءات اللازمة في الكوفة وضواحيها… فلمّا امتثل ابن زياد الأمر ونفّذه حسنت حاله عند يزيد ـ الذي كان يكرهه في زمن معاوية ـ ، ثمّ أمر بحمل الرؤوس الطاهرة وعيالات الإمام عليه السلام إلى الشام… إلى آخر ما ذكرناه في الباب السابق.
والكلام الآن… في دور حزب بني أُميّة ورؤساء الخوارج، وأنّه هل كان لوجهاء لشيعة أهل البيت عليهم السلام في الكوفة دور في قتل الإمام عليه السلام، أوْ لا؟
لقد علمنا أنّ الكتب كانت تتوارد على الإمام إلى المدينة منذ عهد معاوية، ثمّ جعلت تتواصل ولم تنقطع حتّى الأيّام الأخيرة من حياة الإمام في الحجاز…
فهل كانوا جميعاً شيعةَ الإمام؟!
وهل شارك الشيعة في قتله عليه السلام؟!
يقول بعض الكتّاب من أنصار بني أُميّة: إنّ شيعة الكوفة هم الّذين دعوه، وخذلوه، وقتلوه!
لقد أثبتنا ـ في ضوء الأخبار والتواريخ المعتمدة ـ أنّ الّذين باشروا قتل الإمام عليه السلام وأصحابه لم يكونوا من الشيعة، وإنّما كانوا من الحزب الأُموي والخوارج في الكوفة، ونحن نظنّ أنّ القارئ المنصف سيجد وفاء أدلّتنا بإثبات هذه الدعوى، وسيوافقنا على النتيجة التي توصّلنا إليها.

***

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *