أدلّة المعتزلة

أدلّة المعتزلة
وقد استدّل المعتزلة القائلون بهذا، بآيات من القرآن الكريم ـ وهي الآيات النّافية للشّفاعة، أو لأثرها يوم القيامة، والمتقدّم في النّوع الثّاني من آيات الكتاب ـ وهي:
1 ـ قوله تعالى: (ما لِلظّالِمينَ مِنْ حَميم وَلا شَفيع يُطاعُ)(1).
2 ـ قوله تعالى: (وَما لِلظّالِمينَ مِنْ أَنْصار)(2).
3 ـ قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزي نَفْسٌ عَنْ نَفْس شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ…)(3).
4 ـ قوله تعالى: (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعينَ)(4).
5 ـ قوله تعالى: (لا بَيْعٌ فيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ)(5).
6 ـ قوله تعالى: (وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى)(6).
فالآيات الّتي ينفي فيها قبول الشّفاعة عن الظّالمين تدلّ على عدم سقوط عذاب المذنبين لأنّهم فسّاقٌ ظالمون.
والآيات التّالية تنفي الشّفاعة و أثرها، فكلٌّ ملاق جزاء عمله.
والآية الأخيرة تنفي شفاعة الملائكة عن غير المرضيّ للّه تعالى، والفاسق لارتكابه غيرالمرضيّ غير مرتضى.
الجواب: ولقد أبطل علماؤنا أدلّتهم، وأجابوا عمّا استدلّوا به، فأوضحوا خطأهم، وبيّنوا أنّه لا دليل لما ذهبوا إليه:
فأوّلاً: بالأخبار المتواترة الدّالّة على سقوط العقاب عن فسّاق المؤمنين بشفاعة النّبي و آله وغيرهم.
وثانياً: بأنّ الشّفاعة لو كانت في زيادة المنافع فقط، لكنّا نحن شافعين في النّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حيث نطلب له من اللّه تعالى علوّ الدّرجات، والتّالي باطل قطعاً، لأنّ الشّافع يجب أن يكون أعلى من المشفوع فيه، وأكثر حرمةً، وأرفع درجةً ومرتبةً، كما نصّوا عليه، فالمقدّم مثله.
والجواب عمّا استدلّوا به:
أمّا عن الآيتين الأولى والثّانية: فبأنّ المراد من الظّالمين فيهما الكفّار.
وأمّا عن الآيتين الثّالثة والخامسة: فبأنّهما لا تنفيان مطلق الشّفاعة، بل إنّهما تنفيان الشّفاعة بغير إذن اللّه… ولا ريب أنّ اللّه لا يأذن للشّفاعة في حقّ الكافرين والمشركين.
لأنّه تعالى ذكر في مواضع كثيرة من كتابه أنّه لا يغفر أن يكفر ويشرك به… .
وأمّا عن الآية الرّابعة: فبأنّها لا تنفي الشّفاعة، بل تفيد وقوعها يوم القيامة، إلاّ أنّه لا تنال طائفة من المجرمين الكافرين، وهم الّذين جاء ذكرهم قبل الآية بقوله:
(كُلُّ نَفْس بِما كَسَبَتْ رَهينَةٌ * إِلاّ أَصْحابَ الْيَمينِ * في جَنّات يَتَساءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمينَ * ما سَلَكَكُمْ في سَقَرَ * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكينَ * وَكُنّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضينَ * وَكُنّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتّى أَتانَا الْيَقينُ * فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعينَ)(7).
وأمّا عن الآية الأخيرة: فبأنّا لا نسلّم أنّ الفاسق غير مرتضى، بل هو مرتضى للّه تعالى في إيمانه.

(1) سورة غافر، الآية: 18.
(2) سورة البقرة، الآية: 270، وسورة آل عمران، الآية: 192، وسورة المائدة: الآية: 72.
(3) سورة البقرة: الآية: 48 و 123.
(4) سورة المدّثر، الآية: 48.
(5) سورة البقرة، الآية: 254.
(6) سورة الأنبياء: الآية: 28.
(7) سورة المدّثر، الآية: 38 ـ 48.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *