ترجمة عطيّة العوفي

ترجمة عطيّة العوفي:
أقول:
الطّعن في «عطيّة العوفي» عجيب جدّاً، لأنّه إن كان المطلوب كون الرّجل مجمعاً على وثاقته حتى تقبل روايته، فلا إجماع على عطيّة، بل لا إجماع حتى على البخاري وأمثاله كما ذكرنا في المقدّمة… إذن، لابدَّ من التحقيق والنّظر الدقيق، لنعرف من روى عن عطية واعتمد عليه، ولنفهم السبب في طعن من طعن فيه… .
لقد أمر «الدكتور» بالرجوع إلى (تهذيب التهذيب) و (ميزان الاعتدال)، وعندما نرجع إلى الأوّل منهما وهو أجمع الكتب الرجاليّة للأقوال(1) نجد:
1 ـ عطيّة من التابعين:
إنه يروي عن: أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وزيد بن أرقم.
وقد رويتم في الصحيح عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه قال: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم»(2).
وفي (معرفة علوم الحديث): «النوع الرابع عشر من هذا العلم معرفة التابعين، وهذا نوع يشتمل على علوم كثيرة، فإنهم على طبقات في الترتيب، ومهما غفل الإنسان عن هذا العلم لم يفرّق بين الصحابة والتابعين، ثم لم يفرّق أيضاً بين التابعين وأتباع التابعين. قال اللّه عزّوجل: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَان رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّات تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). وقد ذكرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلم… فخير الناس قرناً بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلم وحفظ عنهم الدين والسنن، وهم قد شهدوا الوحي والتنزيل…»(3).
2 ـ عطيّة من رجال البخاري في الأدب المفرد:
والبخاري وإن لم يخرج عن عطيّة في كتابه المعروف بالصحيح، أخرج عنه في كتابه الآخر (الأدب المفرد)… وهذا الكتاب وإن لم يلتزم فيه بالصحّة، لكن من البعيد أن يخرج فيه عمّن يراه من الكذّابين!!
3 ـ عطيّة من رجال أبي داود:
وأبو داود السجستاني أخرج عنه في كتابه الذي جعلوه من الصّحاح الستة، وقال الإمام الحافظ إبراهيم الحربي لمّا صنف أبو داود كتابه: «ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد» نقله قاضي القضاة ابن خلّكان(4). وفي المرقاة في شرح المشكاة: «قال الخطابي شارحه: لم يصنّف في علم الدين مثله، وهو أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من الصحيحين. وقال أبو داود: ما ذكرت فيه حديثاً أجمع الناس على تركه. وقال ابن الأعرابي: من عنده القرآن وكتاب أبي داود لم يحتج معهما إلى شيء من العلم ألبتة. وقال الناجي: كتاب اللّه أصل الاسلام وكتاب أبي داود عيد الاسلام، ومن ثمَّ صرّح حجة الإسلام الغزالي باكتفاء المجتهد به في الأحاديث، وتبعه أئمة الشافعيّة على ذلك»(5).
فهذا طرف من كلمات القوم في وصف كتاب أبي داود الذي أخرج فيه عن عطية العوفي.
4 ـ عطيّة من رجال الترمذي:
والترمذي أيضاً أخرج عنه عطيّة في كتابه المعدود من الصّحاح الستّة عندهم، والذي حكوا عنه أنه قال: «صنّفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به، وعرضته على علماء العراق فرضوا به، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلّم»(6).
5 ـ عطيّة من رجال ابن ماجة:
وابن ماجة القزويني أيضاً أخرج عنه عطيّة في كتابه الذي نصَّ ابن خلكان على كونه أحد الصحاح الستة(7).
6 ـ عطيّة من رجال أحمد في المسند:
وأحمد بن حنبل أخرج عنه فأكثر، ومن ذلك روايات حديث الثقلين، ولابدَّ من البحث هنا في جهات:
الأولى: في رأي أحمد في مسنده وأنه هل شرط الصحيح أو لا؟
والثانية: في رأي العلماء في مسند أحمد.
والثالثة: في رأي أحمد في عطية.
أما رأيه في عطية فسنتكلّم عليه عندما نتعرّض لطعن من طعن فيه.

(1) تهذيب التهذيب 7/200 .
(2) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم. جامع الاصول 9 / 404.
(3) معرفة علوم الحديث: 41.
(4) وفيات الأعيان 2 / 138.
(5) المرفاة في شرح المشكاة 1 / 22.
(6) اُنظر مقدّمة الشيخ أحمد محمد شاكر لصحيح الترمذي.
(7) وفيات الأعيان 3 / 407.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *