نظرات في سند حديث الخوخة في الصحيحين

نظرات في سند حديث الخوخة في الصحيحين
قدّمنا حديث الخوخة بسنده ولفظه في الصحيحين، وقد عرفت أنّ البخاري ومسلماً يرويانه عن ابن عبّاس وأبي سعيد الخدري، لكنّه ساقط عن درجة الاعتبار عن كليهما:
أمّا الحديث عن ابن عبّاس
فهو عند البخاري فقط، ويكفي في سقوطه ـ بعد غضّ النظر عن بعض الكلام في «وهب بن جرير»(1) وعمّا قيل في أبيه «جرير بن حازم» فإنّ البخاري يقول: «ربّما يهم في الشيء..» ويقول يحيى بن معين: «هو عن قتادة ضعيف» والذهبي يقول: «تغيّر قبل موته فحجبه ابنه وهب»(2) ـ إنّ راويه عن ابن عبّاس هو «عكرمة البربري» مولاه، وإليك طرفاً من أوصاف هذا الرجل:
موجز ترجمة عكرمة مولى ابن عبّاس
1 ـ إنّه كان يرى رأي الخوارج وكان داعيةً إليه، وقد أخذ كثيرون من أهل أفريقية رأي الصفرية من عكرمة. قال الذهبي: قد تكلّم الناس في عكرمة لأنّه كان يرى رأي الخوارج.
2 ـ وكان يطعن في الدين ويستهزىء بالأحكام، فقد نقلوا عنه قوله: إنّما أنزل اللّه متشابه القرآن ليضلّ به.
وقال في وقت الموسم: وددت أنّي اليوم بالموسم وبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالا.
ووقف على باب مسجد النبي وقال: ما فيه إلاّ كافر.
3 ـ وكان كذّاباً، حتّى أوثقه عليّ بن عبداللّه بن عبّاس على باب كنيف الدار، فقيل له: تفعلون هذا بمولاكم؟! فقال: إنّ هذا يكذب على أبي. واشتهر قول عبداللّه بن عمر لمولاه نافع: اتّق اللّه، لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس. وعن ابن سيرين ويحيى بن معين ومالك وجماعة غيرهم: كذّاب.
4 ـ وعكوفه على أبواب الأُمراء للدنيا مشهور، حتّى قيل له: تركتَ الحرمين وجئتَ إلى خراسان؟! فقال: أسعى على بناتي. وقال لآخر: قدمت آخذ من دنانير ولاتكم ودراهمهم.
5 ـ ولأجل هذه الأُمور وغيرها ترك الناس جنازته، فما حمله أحد، وأكتروا له أربعة رجال من السودان(3).
وأمّا الحديث عن أبي سعيد الخدري
فقد رواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن أبي النضر، عن عبيد بن حنين، عن أبي سعيد الخدري.
ورواه مسلم ـ في طريقه الأول ـ عن عبداللّه بن جعفر بن يحيى ابن خالد، عن معن، عن مالك.
ورواه الترمذي عن أحمد بن الحسن، عن عبداللّه بن مسلمة، عن مالك وقال: هذا حديث حسن صحيح(4).
فمداره على «مالك بن أنس».
ومالك بن أنس وإن كان أحد الأئمة الأربعة، تقلّده طائفة كبيرة من أهل السُنّة، فهو لا يعتمد على رواياته، خاصّةً في مثل هذا المقام، لعقيدته التي انفردبها حول الإمام عليه السّلام والّتي خرج بها عن إجماع أهل الإسلام.!!

(1) تهذيب التهذيب 11 / 142.
(2) ميزان الاعتدال 2 / 117ـ118، المغني في الضعفاء 1 / 203.
(3) ذكرنا ترجمته في كتابنا: التحقيق في نفي التحريف 270 ـ 274 عن: تهذيب الكمال 20 / 264، وتهذيب التهذيب 7 / 228، وطبقات ابن سعد 5 / 219، ووفيات الأعيان 3 / 265 وميزان الاعتدال 5 / 116، والمغني في الضعفاء 2 / 67، والضعفاء الكبير 3 / 373، وسير أعلام النبلاء 5 / 12.
(4) سنن الترمذي 5 / 373 ـ 374 كتاب المناقب باب مناقب أبي بكر، رقم 3680.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *