الأُولى: جهة السند

الأُولى: جهة السند:
فإنّ مدار الخبر على «شعبة بن الحجّاج» وقد كان هذا الرجل ممّن يكذب ويضع على أهل البيت، فقد ذكر الشريف المرتضى رحمه الله(1) أنّه روى عن جعفر بن محمّد أنّه كان يتولّى الشيخين! فمن يضع مثل هذا لا يستبعد منه أن يضع على ابن عبّاس في نزول الآية.
ثمّ إنّ الراوي عن شعبة عند أحمد «يحيى بن عبّاد الضبعي البصري» قال الخطيب: «نزل بغداد وحدّث بها عن شعبة… روى عنه أحمد بن حنبل…»(2).
وقد أورد ابن حجر هذا الرجل فيمن تُكلّم فيه من رجال البخاري، فنقل عن الساجي أنّه ضعيف، وعن ابن معين أنّه ليس بذاك وإن صدّقه(3).
وروى الخطيب بإسناده عن ابن المديني، قال: سمعت أبي يقول: يحيى بن عبّاد ليس ممّن أُحدّث عنه، وبشّار الخفّاف أمثل منه.
وبإسناده عن يحيى بن معين: لم يكن بذاك، قد سمع وكان صدوقاً، وقد أتيناه فأخرج كتاباً فإذا هو لا يحسن أنْ يقرأه فانصرفنا عنه.
وبإسناده عن الساجي: ضعيف، حدّث عنه أهل بغداد. سمعت الحسن بن محمّد الزعفراني يحدّث عنه عن الشعبي وغيره، لم يحدّث عنه أحد من أصحابنا بالبصرة، لا بندار ولا ابن المثنّى.
وقد أورده الذهبي في ميزانه مقتصراً على تضعيف الساجي(4).
والراوي عن شعبة عند البخاري «محمّد بن جعفر ـ غندر» وقد أدرجه ابن حجر فيمن تُكلّم فيه بمناسبة قول أبي حاتم: «يُكتب حديثه عن غير شعبة ولا يحتجّ به»(5)، وبهذه المناسبة أيضاً أورده الذهبي في ميزانه(6).
والراوي عنه: «محمّد بن بشّار» وهو أيضاً ممّن تكلّم فيه غير واحد من أئمّتهم، وأدرجه ابن حجر فيمن تُكلّم فيه فذكر تضعيف الفلاّس، وأنّ يحيى بن معين كان يستضعفه، وعن أبي داود: لولا سلامة فيه لتُرك حديثه(7).
لكن في ميزان الاعتدال: «كذّبه الفلاّس» وروى عن الدورقي: «كنّا عند يحيى بن معين فجرى ذِكر بندار، فرأيت يحيى لا يعبأ به ويستضعفه» قال: «ورأيت القواريري لا يرضاه» «وكان صاحب حمام»(8).
أقول:
لقد كان هذا حال عمدة أسانيد حديث طاووس عن ابن عبّاس، والإنصاف أنّه لا يصلح للاحتجاج فضلا عن المعارضة، على أنّ كلام الحاكم في كتاب التفسير صريح في رواية البخاري ومسلم هذا الحديث عن طريق طاووس عن ابن عبّاس باللفظ الدالّ على القول الحقّ، وهذا نصّ كلامه: «إنّما اتّفقا في تفسير هذه الآية على حديث عبد الملك بن ميسرة الزرّاد عن طاووس عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه في قربى آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم».
وأرسل ذلك أبو حيّان عن ابن عبّاس إرسال المسلَّم، فإنّه بعد أن ذكر القول الحقّ قال: «وقال بهذا المعنى عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب واستشهد بالآية حين سيق إلى الشام أسيراً، وهو قول ابن جبير والسدّي وعمرو بن شعيب. وعلى هذا التأويل قال ابن عبّاس: قيل: يا رسول الله، مَن قرابتك الّذين أُمرنا بمودّتهم؟ فقال: عليّ وفاطمة وابناهما»(9).

(1) الشافي في الإمامة 4/116.
(2) تاريخ بغداد 14/144.
(3) مقدّمة فتح الباري: 452.
(4) ميزان الاعتدال 4/387.
(5) مقدّمة فتح الباري: 437.
(6) ميزان الاعتدال 3/502.
(7) مقدّمة فتح الباري: 437.
(8) ميزان الاعتدال 3/490.
(9) البحر المحيط 7/516.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *