ترجمة خالد بن مخلَّد

ترجمة خالد بن مخلَّد:
أقول: إن «خالد بن مخلَّد» متكلَّم فيه كما قال، ولكن إذا كان المقصود الاعتماد على من لم يتكلَّم فيه أصلا فحسب، فلا يوجد في الأئمة والرواة من لم يتكلَّم فيه… حتّى البخاري ومسلم… هذا أوّلا.
وثانياً: إنَّه قد تقرر عند القوم عدم الاعتناء بالقدح المستند إلى الاختلاف في الاعتقاد. وقد قدّمنا عبارة الحافظ ابن حجر في المقدمة، فلاحظ.
وثالثاً: إنه ليس القدح في «خالد بن مخلَّد» إلاّ لتشيعه، نصّ على ذلك الحافظ ابن حجر حيث قال: «خ م ت س ق(1) ـ خالد بن مخلَّد القطواني الكوفي، أبو الهيثم، من كبار شيوخ البخاري. روى عنه وروى عن واحد عنه.
قال العجلي: ثقة وفيه تشيع. وقال ابن سعد: كان متشيعاً مفرطاً. وقال صالح جزرة: ثقة إلاّ أنه يتشيّع. وقال ابو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
قلت: أما التشيع فقد قدمنا أنّه ـ إذا كان ثبت الأخذ والأداء ـ لا يضره سيّما ولم يكن داعيةً الى رأيه»(2).
أقول:
فالرجل من كبار شيوخ البخاري… .
ومن قال: «في حديثه بعض المناكير» فقد نصّ في نفس الوقت على أنه «صدوق»… ومن هنا يظهر أن رواية المناكير لا تضرّ… ثم من الذي خلصت جميع رواياته عن رواية منكرة؟!
على أنّ هذا الحديث ليس من المناكير قطعاً.
رابعاً: الكلام الذي نقله عن (توجيه النظر إلى أصول الأثر) هو للحافظ ابن حجر، فإنه قال بعد: «أما التشيّع…» في العبارة التي نقلناها عنه: «وأمّا المناكير فقد تتبّعها أبو أحمد ابن عدي من حديثه وأوردها في كامله وليس فيها شيء ممّا أخرجه له البخاري، بل لم أر له عنده من افراده سوى حديث واحد وهو حديث أبي هريرة: من عادى لي ولياً. الحديث. وروى له الباقون سوى أبي داود».
وإنْ شئت فراجع كتاب (اصول النظر) فقد جاء (في ص 100) ما نصّه: «وقد أتبع الحافظ ابن حجر هذا الفصل بفصل آخر يناسبه، قال في أوّله: الفصل التاسع: في سياق أسماء من طعن فيه من رجال هذا الكتاب (يعني البخاري) مرتّباً لهم على حروف المعجم، والجواب عن الاعتراضات موضعاً موضعاً…» ثمّ قال الجزائري (ص 101): «وقد أحببت أن أُورد من هذا الفصل شيئاً ليقف المطالع على مسلكهم في البحث عن حال الرجال، الذي هو من أهمّ المباحث عند أهل الأثر…» إلى أن قال (ص 103): «حرف الخاء (خ م ت س ق): خالد بن مخلّد القطواني الكوفي: أبو الهيثم من كبار شيوخ البخاري… قلت: أمّا التشيّع، فقد قدّمنا… وأمّا المناكير، فقد تتبّعها أبو أحمد ابن عدي… وروى له الباقون سوى أبي داود».
لكن الدكتور نسب الكلام الى الجزائري ليتسنّى له ـ بزعمه ـ إسقاط صدر الكلام «وأما التشيع…» وذيله: «وروى له الباقون سوى أبي داود». فحيّاً اللّه العلم والتحقيق والأمانة!.

(1) هذه الرموز «خ» البخاري، «م» مسلم، «ت» للترمذي ز «س» للنسائي، «ق» لابن ماجة القزويني.
(2) مقدمة فتح الباري في شرح البخاري: 398. وقد أوردنا هذا في مقدمة الكتاب أيضاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *