نتيجة التأمّلات

نتيجة التأمّلات
ونتيجة التأمّلات في ألفاظ هذا الحديث:
1 ـ إنّ قول المسور «وأنا محتلم» يورث الشكّ في سماعه الحديث من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وكذا عدم المناسبة المعقولة بين طلبه للسيف من الإمام زين العابدين عليه السلام وإخباره بالقصّة، ثم إلحاحه في طلب السيف، لأنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: فاطمة بضعة منّي…!
2 ـ إنّ ألفاظ الحديث مختلفة ومعانيها متفاوتة جدّاً، بحيث لم يتمكّن شرّاحه من بيان وجه معقول للجمع بين تلك الألفاظ. ولمّا كانت الحال هذه والقصّة واحدة، فلا محالة يقع الشكّ في أصل الحديث.
3 ـ إنّ مدلول الحديث لا يتناسب وشأن أمير المؤمنين والزهراء عليهما السلام. وفوق ذلك لا يتناسب وشأن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم صاحب الشريعة الغرّاء. وحتى لو فعل عليٌّ ما لا يجوز… لما ثبت من أنّه:
«كان إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول. ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا».
و: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قلّ ما يواجه رجلا في وجهه بشيء يكرهه».
وقال: «من رأى عورةً فسترها كان كمن أحيا موؤُدة»(1).
وقد التفت ابن حجر إلى هذه الناحية حيث قال: «وكان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قلّ أن يواجه أحداً بما يعاب به» ثم اعتذر قائلا: «ولعلّه إنّما جهر بمعاتبة عليٍّ مبالغةً في رضا فاطمة عليها السّلام»(2).
لكنّه كماترى، أمّا أولا: فلم يرتكب عليٌّ عيباً. وأمّا ثانياً: فإنّ الذي صدر من النبي ما كان معاتبةً. وأمّا ثالثاً: فإنّ المبالغة في رضا فاطمة عليها السلام إنّما تحسن ما لم تستلزم هتكاً لمؤمن فكيف بعليّ، وليس دونها عنده إن لم يكن أعزّ وأحبّ.
4 ـ وكما أنّ هذا الحديث تكذّبه أحكام الشريعة الإسلامية والسنن النبويّة والآداب المحمّديّة كذلك تكذّبه الأخبار الصحيحة في أنّ اللّه هو الذي اختار عليّاً لنكاح فاطمة، وأنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ردّ كبار الصحابة وقد خطبوها(3) ومن المعلوم أنّ اللّه لا يختار لها من يؤذيها بشيء مطلقاً.
5 ـ وتكذّبه أيضاً سيرة الإمام عليٍّ عليه السلام وأحواله مع أخيه المصطفى منذ نعومة أظفاره حتى آخر لحظة من حياة النبي الكريمة، فلم يُرَ منه شيء يخالف الرسول أو يكرهه.

(1) هذه الأحاديث متّفق عليها، وقد أخرجها أصحاب الصحاح كلّهم في كتاب الأدب وغيره. أنظر منها: سنن أبي داود 3 / 278 كتاب الأدب باب في الستر على المسلم الأرقام 4891 و 8492.
(2) فتح الباري 7 / 108.
(3) أُنظر: مجمع الزوائد 9 / 329 ـ 330 كتاب المناقب باب مناقب فاطمة بنت رسول اللّه باب منه في فضلها وتزويجها بعلى الأرقام 15207 و 15208، كنز العمّال 13 / 294 ـ 295 كتاب الفضائل باب فضائل أهل البيت ومن ليسوا بالصحابة الأرقام 37752 ـ 37754، ذخائر العقبى: 69 ـ 72، الرياض النضرة 3 / 142 ـ 146. الصواعق: 141 ـ 142.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *