من نصوص الحديث في الكتب المعتبرة

من نصوص الحديث في الكتب المعتبرة:
وهذه ألفاظٌ من الأخبار الواردة في نزول الآية المباركة في عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، كما رواها الحفّاظ بأسانيدهم، في الكتب المعتبرة:
* أخرج ابن عساكر بسنده، وابن حجر من طريق الدارقطني، عن أبي الطفيل: إنّ أمير المؤمنين عليه السلام ناشد أصحاب الشورى واحتّج عليهم بجملة من فضائله ومناقبه، ومن ذلك أن قال لهم:
«نشدتكم باللّه، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم في الرحم، ومن جعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم نفسه وأبناه أبناءه ونساءه نساءه، غيري؟!
قالوا: اللّهمّ لا»(1).
أقول:
ومناشدة أمير المؤمنين في الشورى رواها عدد كبير من علماء الفريقين، بأسانيدهم عن: أبي ذرّ وأبي الطفيل، وممّن أخرجها من حفّاظ الجمهور: الدارقطني، وابن مردويه، وابن عبدالبرّ، والحاكم، والسيوطي، وابن حجر المكّي، والمتّقي الهندي.
* وفي «المسند»: «حدّثنا عبداللّه، قال أبي: ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يقول له، وخلّفه في بعض مغازيه، فقال عليّ رضي اللّه عنه: أتخلّفني مع النساء والصبيان؟!
قال: يا علي! أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي؟!
وسمعته يقول ـ يوم خيبر ـ : لأُعطينَّ الراية غداً رجلا يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله.
فتطاولنا لها، فقال: ادعوا لي عليّاً رضي اللّه عنه فأُتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه، ففتح اللّه عليه.
ولمّا نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ) دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضوان اللّه عليهم أجمعين، فقال: اللّهمّ هؤلاء أهلي»(2).
* وأخرج مسلم قائلا: «حدّثنا قتيبة بن سعيد ومحمّد بن عبّاد ـ وتقاربا في اللفظ ـ قالا: حدّثنا حاتم ـ وهو ابن إسماعيل ـ عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً، فقال: ما منعك أن تسبَّ أبا تراب؟!
فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم فلن أسبّه، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يقول له ]وقد [خلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليٌّ: يا رسول اللّه! خلّفتني مع النساء والصبيان!
فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي.
وسمعته يقول يوم خيبر: لأُعطينّ الراية رجلا يحبّ اللّه ورسوله، ويحبّه اللّه ورسوله.
قال: فتطاولنا لها، فقال: ادعوا لي عليّاً، فأُتي به أرمد، فبصق في عينه، ودفع الراية إليه، ففتح اللّه عليه.
ولمّا نزلت هذه الآية: (فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ) دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهمّ هؤلاء أهلي»(3).
* وأخرجه الترمذي بالسند واللفظ، فقال:
«هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه»(4).
* وأخرج النسائي: «أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي وهشام بن عمّار الدمشقي، قالا: حدّثنا حاتم، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، قال: أمر معاوية سعداً فقال: ما يمنعك أن تسبَّ أبا تراب؟!
فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنَّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم فلن أسبّه، لأن يكون لي واحدة منها أحبّ إليَّ من حمر النعم:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يقول له، وخلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ: يا رسول اللّه! أتخلّفني مع النساء والصبيان؟!
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي.
وسمعته يقول يوم خيبر: لأُعطينَّ الراية غداً رجلا يحبّ اللّه ورسوله، ويحبّه اللّه ورسوله.
فتطاولنا إليها فقال: ادعوا لي عليّاً، فأُتي به أرمد، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه.
ولما نزلت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي»(5).
* وأخرج الحاكم فقال: «أخبرني جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي، ثنا موسى بن هارون، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: لمّا نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ) دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضي اللّه عنهم فقال: اللّهمّ هؤلاء أهلي.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»(6).
*ووافقه الذهبي في (تلخيصه).
* وستأتي رواية الحاكم عن جابر.
* وأخرجه عن ابن عبّاس، قال: «ذِكر النوع السابع عشر من علوم الحديث: هذا النوع من هذا العلم معرفة أولاد الصحابة، فإنّ من جهل هذا النوع اشتبه عليه كثير من الروايات.
أوّل ما يلزم الحديثي معرفته من ذلك: أولاد سيّد البشر محمّد المصطفى صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ومن صحّت الرواية عنه منهم:
حدّثنا عليّ بن عبدالرحمن بن عيسى الدهقان بالكوفة، قال: حدّثنا الحسين بن الحكم الحبري، قال: ثنا الحسن بن الحسين العرني، قال: ثنا حبّان بن عليّ العنزي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس في قوله عزّوجلّ: (قُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ ـ إلى قوله: ـ الْكَاذِبِينَ) نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم، وعليّ نفسه، (وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ): فاطمة، (وأَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ): حسن وحسين، والدعاء على الكاذبين نزلت في العاقب والسيّد وعبدالمسيح وأصحابهم»(7).
* وقال ابن حجر العسقلاني بشرح حديث المنزلة: «ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقّاص عند مسلم والترمذي، قال: قال معاوية لسعد: ما منعك أن تسبَّ أبا تراب؟!
قال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم فلن أسبّه… .
فذكر هذا الحديث، وقوله: لأُعطينَّ الراية رجلا يحبّه اللّه ورسوله… وقوله: لمّا نزلت (فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ) دعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين فقال: اللّهمّ هؤلاء أهلي»(8).
تنبيه:
الملاحظ أنّهم يروون كلام سعد في جواب معاوية بأشكال مختلفة، مع أنّ السند واحد، والقضيّة واحدة!!
بل يرويه المحدّث الواحد في الكتاب الواحد بأشكال، فاللفظ الذي ذكرناه عن النسائي هو أحد ألفاظه.
بينما رواه بلفظ آخر عن بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد يقول: قال معاوية لسعد بن أبي وقّاص: ما يمنعك أن تسبَّ ابن أبي طالب؟!
قال: لا أسبّه ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم، لأنْ يكون لي واحدة منهن أحبّ إليَّ من حمر النعم، لا أسبّه ما ذكرت حين نزل الوحي عليه، فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة، فأدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال: ربّ هؤلاء أهل بيتي ـ أو: أهلي ـ…»(9).
ورواه بلفظ ثالث: إنّ معاوية ذكر عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه، فقال سعد بن أبي وقّاص: واللّه لأنْ لي واحدة من خلال ثلاث أحبّ إليَّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس.
لأن يكون قال لي ما قال له حين ردّه من تبوك: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي; أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس.
ولأن يكون قال لي ما قاله له يوم خيبر: لأُعطينّ الراية رجلا يحب اللّه ورسوله، يفتح اللّه على يديه، ليس بفرّار; أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس.
ولأن يكون لي ابنته ولي منها من الولد ما له، أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس»(10).
ورواه بلفظ رابع عن سعد، قال: «كنت جالساً فتنقّصوا علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، فقلت: لقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم يقول في عليٍّ خصالا ثلاث، لأن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم.
سمعته يقول: إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.
وسمعته يقول: لأُعطينّ الراية غداً رجلا يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله.
وسمعته يقول: مَن كنت مولاه فعليّ مولاه»(11).
ورواه ابن ماجة بلفظ خامس فقال: «قدم معاوية في بعض حجّاته، فدخل عليه سعد، فذكروا عليّاً، فنال منه، فغضب سعد وقال: تقول هذا الرجل سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه.
وسمعته يقول: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.
وسمعته يقول: لأُعطينّ الراية اليوم رجلا يحبّ اللّه ورسوله»(12). أقول:
إنّه لو فرض حمل اختلاف ألفاظ الروايات في الخصال الثلاث على وجه صحيح، ولا يكون هناك تحريف، فلا ريب في تحريف القوم للّفظ في ناحية أُخرى، وهي قضيّة سبّ أمير المؤمنين عليه السلام والنيل منه، خاصّةً مع السند الواحد! فإنّ أحمد ومسلماً والترمذي والنسائي وابن عساكر(13) كلّهم اشتركوا في الرواية بسند واحد، فجاء عند غير أحمد: «أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟! فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً… سمعت…».
لكنّ أحمد حذف ذلك كلّه وبدأ الحديث من «سمعت…» وكأنّه لم تكن هناك أيّة مناسبة لكلام سعد هذا!!
أمّا الحاكم، فيروي الخبر بنفس السند ويحذف المناسبة وخصلتين من الخصال الثلاث!!
والنسائي، يحذف المناسبة في لفظ، ويقول: «إنّ معاوية ذكر عليَّ بن أبي طالب، فقال سعد…»!!
وفي آخر يحذفها ويضع بدلها كلمة «كنت جالساً فتنقّصوا عليّ ابن أبي طالب…»!!
وابن ماجة، قال: «قدم معاوية في بعض حجّاته، فدخل عليه سعد، فذكروا عليّاً، فنال منه، فغضب سعد وقال…».
فجاء ابن كثير وحذف منه «فنال منه، فغضب سعد»(14).
وفي (الفضائل) لأحمد: «ذُكر علي عند رجل وعنده سعد بن أبي وقاص، فقال له سعد: أتذكر عليّاً؟!»(15).
وأبو نعيم وبعضهم، حذف القصّة من أصلها، فقال: «عن سعد ابن أبي وقاص، قال: قال رسول اللّه: في عليٍّ ثلاث خلال…»(16).
هذا، والسبب في ذلك كلّه معلوم! إنهم يحاولون التغطية على مساوىء سادتهم ولو بالكذب والتزوير! ولقد أفصح عن ذلك بعضهم، كالنووي، حيث قال: «قال العلماء: الأحاديث الواردة التي في ظاهرها دخل على صحابي يجب تأويلها، قالوا: ولا يقع في روايات الثقات إلاّ ما يمكن تأويله، فقول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنّه أمر سعداً بسبّه، وإنّما سأله عن السبب المانع له من السبّ، كأنه يقول: هل امتنعت تورّعاً أو خوفاً أو غير ذلك؟! فإن كان تورّعاً وإجلالا له عن السبّ فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر.
ولعلّ سعداً قد كان في طائفة يسبّون فلم يسبّ معهم، وعجز عن الإنكار، وأنكر عليهم فسأله هذا السؤال.
قالوا: ويحتمل تأويلا آخر، أنّ معناه: ما منعك أن تُخَطئه في رأيه واجتهاده، وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنّه أخطأ؟». انتهى(17).
ونقله المباركفوري بشرح الحديث(18).
أقول:
وهل ترتضي ـ أيّها القارئ ـ هذا الكلام في مثل هذا المقام؟!
أوّلا: إن كان هناك مجالٌ لحمل كلام المتكلّم على الصحّة وتأويله على وجه مقبول، فهذا لا يختصّ بكلام الصحابي دون غيره.
وثانياً: إذا كانت هذه قاعدة يجب اتّباعها بالنسبة إلى أقوال الصحابة، فلماذا لا يطبّقونها بالنسبة لكلّ الصحابة؟!
وثالثاً: إذا كانت هذه القاعدة للأحاديث الواردة التي في ظاهرها دخل على صحابي! فلماذا يطبّقونها في الأحاديث الواردة في فضل أمير المؤمنين عليه السلام، فلم يأخذوا بظواهرها، بل أعرضوا عن النصوص منها؟! ومنها حديث المباهلة، حيث لا تأويل فحسب، بل التعتيم والتحريف، كما سنرى في الفصل الآتي.
ورابعاً: إن التأويل والحمل على الصحّة إنّما يكون حيث يمكن، وقولهم: «ليس فيه تصريح بأنّه أمر سعداً بسبّه، وإنّما سأله» كذبٌ، فقد تقدّم في بعض النصوص التصريح بـ«الأمر» و «النَيْلَ» و «التنقيص» وهذا كلّه مع تهذيب العبارة، كما لا يخفى.
بل ذكر ابن تيميّة: أن معاوية أمر بسبّ علي(19).
بل جاءت الرواية عن مسلم والترمذي على واقعها، ففي رواية القندوزي الحنفي عنهما، قال: «وعن سهل بن سعد، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً أن يسبّ أبا التراب، قال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً… أخرجه مسلم والترمذي»(20).
وخامساً: قولهم: «كأنّه يقول… فإن كان تورّعاً… فأنت مصيب محسن» يكذّبه ما جاء التصريح به في بعض ألفاظ الخبر من أنّ سعداً خرج من مجلس معاوية غضبان وحلف ألاّ يعود إليه!!
وعلى كلّ حال… فهذا نموذج من تلاعبهم بمساوئ أسيادهم، لإخفائها، وسترى ـ في الفصل اللاّحق ـ نموذج تلاعبهم بفضائل عليٍّ عليه السلام، لإخفائها، وهذا دين القوم وديدنهم، حشرهم اللّه مع الذين يدافعون عنهم ويودّونهم!!
* وروى ابن شبّة، المتوفّى سنة 262، قال: «حدّثنا الحزامي، قال: حدّثنا ابن وهب، قال: أخبرني الليث بن سعد، عن من حدّثه، قال: جاء راهبا نجران إلى النبي صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم يعرض عليهما الإسلام… قال: فدعاهما النبيّ إلى المباهلة وأخذ بيد عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي اللّه عنهم، فقال أحدهما للآخر: قد أنصفك الرجل.
فقالا: لا نباهلك.
وأقرّا بالجزية وكرِها الإسلام»(21).
* وروى الحسين بن الحكم الحبري(22)، المتوفّى سنة 286، قال: «حدّثني إسماعيل بن أبان، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، عن أبي هارون، عن أبي سعيد الخدري، قال: لمّا نزلت هذه الآية (تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ) قال: فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم بعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين»(23).
* وأخرج الطبري: «حدّثنا ابن حميد، قال: ثنا عيسى بن فرقد، عن أبي الجارود، عن زيد بن عليّ، في قوله: (تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ)الآية، قال: كان النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين».
«حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السُدّي، (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ) الآية، فأخذ ـ يعني النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم ـ بيد الحسن والحسين وفاطمة، وقال لعليٍّ: اتبعنا، فخرج معهم، فلم يخرج يومئذ النصارى وقالوا: إنّا نخاف…».
«حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبدالرزّاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ) قال: بلغنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم خرج ليلا عن أهل نجران، فلمّا رأوه خرج هابوا وفرقوا فرجعوا.
قال معمر: قال قتادة: لمّا أراد النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم أهل نجران أخذ بيد حسن وحسين، وقال لفاطمة: اتبعينا، فلمّا رأى ذلك أعداء اللّه رجعوا».
«حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا ابن زيد، قال: قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم: لو لاعنت القوم، بمن كنت تأتي حين قلت (أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ)؟
قال: حسن وحسين».
«حدّثني محمّد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا المنذر ابن ثعلبة، قال: ثنا علباء بن أحمر اليشكري، قال: لمّا نزلت هذه الآية: (فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ) الآية، أرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم إلى عليٍّ وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين…»(24).
* وقال السيوطي: «أخرج البيهقي في (الدلائل) من طريق سلمة ابن عبديشوع، عن أبيه، عن جدّه: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم كتب إلى أهل نجران.. فلمّا أصبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم الغد بعدما أخبرهم الخبر، أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي خلف ظهره، للملاعنة، وله يومئذ عدّة نسوة…».
«وأخرج الحاكم ـ وصحّحه ـ وابن مردويه، وأبو نعيم في (الدلائل) عن جابر، قال:… فغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم وأخذ بيد عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين… .
قال جابر: فيهم نزلت: (تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ) الآية.
قال جابر: (وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ): رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم وعليّ. (وَأَبْنَاءنَا): الحسن والحسين. (وَنِسَاءنَا): فاطمة».
«وأخرج أبو نعيم في (الدلائل) من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس:… وقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم خرج ومعه عليّ والحسن والحسين وفاطمة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم: إن أنا دعوت فأمِّنوا أنتم. فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية».
«وأخرج ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وأبو نعيم، عن الشعبي… فغدا النبيّ صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم ومعه الحسن والحسين وفاطمة…».
«وأخرج مسلم، والترمذي، وابن المنذر، والحاكم، والبيهقي في سننه، عن سعد بن أبي وقّاص، قال: لمّا نزلت هذه الآية: (قُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ) دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، وقال: اللّهمّ هؤلاء أهلي»(25).
* وقال الزمخشري: «وروي أنّهم لمّا دعاهم إلى المباهلة قالوا: حتّى نرجع وننظر، فلمّا تخالوا قالوا للعاقب ـ وكان ذا رأيهم ـ : يا عبدالمسيح! ما ترى؟
فقال: واللّه لقد عرفتم ـ يا معشر النصارى ـ أنّ محمّداً نبيّ مرسل، وقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، واللّه ما باهل قوم نبيّاً قطّ فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لنهلكنّ، فإن أبيتم إلاّ إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.
فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم وقد غدا محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعليّ خلفها، وهو يقول: إذا أنا دعوت فأمّنوا.
فقال أُسقف نجران: يا معشر النصارى! إنّي لأرى وجوهاً لو شاء اللّه أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصرانيّ إلى يوم القيامة.
فقالوا: يا أبا القاسم! رأينا أن لا نباهلك، وأن نقرّك على دينك ونثبت على ديننا.
قال: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم. فأبوا.
قال: فإنّي أُناجزكم.
قالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردّنا عن ديننا، على أن نؤدّي إليك كلّ عام ألفي حُلّة، ألف في صفر وألف في رجب، وثلاثين درعاً عاديّة من حديد.
فصالحهم على ذلك، وقال: والذي نفسي بيده، إنّ الهلاك قد تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمُسخوا قردةً وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل اللّه نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلّهم حتّى يهلكوا.
وعن عائشة رضي اللّه عنها: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم خرج وعليه مرط مرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله، ثمّ جاء الحسين فأدخله، ثمّ فاطمة، ثمّ عليّ، ثمّ قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ).
فإن قلت: ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلاّ لتبيين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر يختصّ به وبمن يكاذبه، فما معنى ضمّ الأبناء والنساء؟
قلت: ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه، حيث استجرأ على تعريض أعزّته وأفلاذ كبده وأحبّ الناس إليه لذلك، ولم يقتصر على تعريض نفسه له; وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزّته هلاك الاستئصال إن تمّت المباهلة.
وخص الأبناء والنساء لأنّهم أعزّ الأهل وألصقهم بالقلوب، وربّما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتّى يقتل، ومن ثمّة كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب، ويسمّون الذادة عنها بأرواحهم حماة الظعائن.
وقدّمهم في الذِكر على الأنفس لينبّه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنّهم مقدّمون على الأنفس مفدون بها.
وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام.
وفيه برهان واضح على نبوّة النبي صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم، لأنّه لم يروِ أحد من موافق ولا مخالف أنّهم أجابوا إلى ذلك»(26).
* وروى ابن الأثير حديث سعد في الخصال الثلاثة، بإسناده عن الترمذي(27).
وأرسله في تاريخه إرسال المسلَّم، قال: «وأمّا نصارى نجران فإنّهم أرسلوا العاقب والسيّد في نفر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم، وأرادوا مباهلته، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم ومعه عليّ وفاطمة والحسن والحسين، فلمّا رأوهم قالوا: هذه وجوه لو أقسمت على اللّه أن يزيل الجبال لأزالها، ولم يباهلوه، وصالحوه على ألفي حُلّة، ثمن كلّ حلة أربعون درهماً، وعلى أن يضيفوا رسل رسول اللّه. وجعل لهم ذمّة اللّه تعالى وعهده ألاّ يفتنوا عن دينهم ولا يعشروا، وشرط عليهم أن لا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به»(28).
* وروى الحاكم الحسكاني بإسناده: «عن أبي إسحاق السبيعي، عن صلة بن زفر، عن حذيفة بن اليمان، قال: جاء العاقب والسيّد ـ أُسقفا نجران ـ يدعوان النبي صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم إلى الملاعنة، فقال العاقب للسيّد: إن لاعن بأصحابه فليس بنبيّ، وإن لاعن بأهل بيته فهو نبيّ.
فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم فدعا عليّاً فأقامه عن يمينه، ثمّ دعا الحسن فأقامه على يساره، ثمّ دعا الحسين فأقامه عن يمين عليّ، ثمّ دعا فاطمة فأقامها خلفه.
فقال العاقب للسيّد: لا تلاعنه، إنّك إن لا عنته لا نفلح نحن ولا أعقابنا، فقال رسول اللّه: لو لاعنوني ما بقيت بنجران عين تطرف»(29).
أقول:
وهذا نفس السند عند البخاري عن حذيفة، لكنّه حذف من الخبر ما يتعلّق بـ«أهل البيت» ووضع مكانه فضيلةً لـ«أبي عبيدة» وسيأتي في الفصل اللاّحق، فانتظر!!
* وقال ابن كثير: «وقال أبو بكر ابن مردويه: حدّثنا سليمان بن أحمد، حدّثنا أحمد بن داود المكّي، حدّثنا بشر بن مهران، حدّثنا محمّد بن دينار، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن جابر، قال:… فغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم فأخذ بيد عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين… قال جابر: وفيهم نزلت… .
وهكذا رواه الحاكم في مستدركه… ثمّ قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه هكذا.
قال: وقد رواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن المغيرة، عن الشعبي، مرسَلا. وهذا أصحّ.
وقد روي عن ابن عبّاس والبراء نحو ذلك»(30).
ولكنّه ـ في (التاريخ) ـ ذكر أوّلا حديث البخاري المبتور! ثمّ روى القصّة عن البيهقي، عن الحاكم بإسناده عن سلمة بن عبديشوع، عن أبيه، عن جدّه; وليس فيه ذكر لعليٍّ عليه السلام، كما سيأتي.
* وقال القاري بشرح الحديث: «عن سعد بن أبي وقّاص، قال: لمّا نزلت هذه الآية ـ أي المسمّاة بآية المباهلة ـ (نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ)أوّلها فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ) دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله [وسلّم عليّاً; فنزّله منزلة نفسه لِما بينهما من القرابة والأخوة، وفاطمة، أي لأنّها أخصّ النساء من أقاربه، وحسناً وحسيناً; فنزّلهما منزلة ابنيه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم، فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، أي: أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. رواه مسلم»(31).

(1) تاريخ دمشق ـ ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام ـ 3 / 90 ح 1131.
(2) مسند أحمد بن حنبل 1 / 185.
(3) صحيح مسلم 7 / 120.
(4) صحيح الترمذي 5 / 596 كتاب المناقب، مناقب عليّ.
(5) خصائص أمير المؤمنين: 48 ـ 49.
(6) المستدرك على الصحيحين 3 / 150.
(7) معرفة علوم الحديث: 49 ـ 50.
(8) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 60.
(9) خصائص أمير المؤمنين: 81.
(10) خصائص أمير المؤمنين: 116.
(11) خصائص أمير المؤمنين: 49 ـ 50.
(12) سنن ابن ماجة 1 / 45.
(13) تاريخ دمشق ـ ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام ـ 1 / 206 ح 271.
(14) تاريخ ابن كثير 7 / 340.
(15) فضائل عليّ ـ لأحمد بن حنبل ـ : مخلوط.
(16) تاريخ ابن كثير 7 / 340، حلية الأولياء 4 / 356.
(17) المنهاج ـ شرح صحيح مسلم بن الحجّاج ـ 15 / 175.
(18) تحفة الأحوذي ـ شرح جامع الترمذي ـ 10 / 156.
(19) منهاج السُنّة 5 / 45.
(20) ينابيع المودّة: 193.
(21) تاريخ المدينة المنوّرة، المجلد 1 / 583.
(22) وهو أيضاً في طريق الحاكم في «المستدرك».
(23) تفسير الحبري: 248.
(24) تفسير الطبري 3 / 212 ـ 213.
(25) الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور 2 / 38 ـ 39.
(26) الكشّاف 1 / 369 ـ 370.
(27) أُسد الغابة في معرفة الصحابة 4 / 26.
(28) الكامل في التاريخ 2 / 293.
(29) شواهد التنزيل 1 / 126.
(30) تفسير ابن كثير 1 / 319.
(31) المرقاة في شرح المشكاة 5 / 589.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *